لا تزال رائحة الحريق المُروّع الذي اندلع في أحد منازل حي العين ببلدة دير الأسد، وأودى بحياة الأم ربى صغيّر أسدي وطفليها، كرم وراحل، بينما أُصيب طفلها الثالث بجراح، تفوح في أرجاء الحي وتخنق القلوب قبل الأنفاس.
المأساة التي حلّت بالعائلة هزّت مشاعر الأهالي، وخلّفت صدمة كبيرة ما زالت أصداؤها تتردد في كل بيت وزاوية؛ عمّ الحزن البلدة والمنطقة بأكملها، وسط أجواء من الأسى والتعاطف مع الفاجعة الثقيلة.
وعلى إثر هذه المصيبة، أعلن المجلس المحلي في دير الأسد، إلى جانب عدد كبير من المصالح التجارية، الحداد الرسمي اليوم الأحد، تعبيرًا عن وقوف البلدة مع العائلة المفجوعة ومشاطرتها آلامها العميقة.
"عندما وصلت إلى الحي، سمعت الناس تقول: مات 3، مات 4"، بهذه الكلمات وصف هادي صغيّر، شقيق الضحية ربى صغيّر أسدي، اللحظات الأولى التي وصل فيها إلى مكان الفاجعة، في حديثه .
وأضاف "هذه أول مرة أدخل فيها المنزل بعد الفاجعة. تلقيت اتصالًا مفاده أن ‘منزل شقيقتك يحترق‘، هرعت مصدومًا من بيتي في مجد الكروم إلى دير الأسد، وعندما وصلت إلى الحي ومع مشهد مئات الأهالي المتجمعين، سمعتهم يردّدون: مات 3، مات 4".
"في تلك اللحظة"، استطرد صغيّر، "شعرت أن الأرض اختفت من تحت قدمي، لم أعد قادرًا على المشي أو الرؤية بوضوح... وبعد قليل رأيت المسعفين ينقلون ربى والأطفال إلى سيارة الإسعاف".
"الفاجعة كبيرة ومؤلمة جدًا، ولم نتخيل يومًا كهذا" قال صغيّر، وتابع "لم أكن أتصور أن الحريق بهذا الحجم أو أنه سيُحدث كارثة بهذا القدر. في البداية، ظننا أن المصابين تأذوا جراء الاختناق فقط، لكن بوابة المنزل الحديدية التي كانت مغلقة وقت الحريق، حالت دون دخول الأهالي لإنقاذ شقيقتي وأطفالها".
وأضاف "كنت في منزل ربى قبل الحدث بيومين. أخذت لها بعض الأغراض التي أوصتني عليها. الآن، بتنا نستوعب المصيبة التي حصلت ونشعر بالفقدان الحقيقي الدامي للقلب، وندعو الله أن يمنّ بالشفاء على الطفل الثالث المصاب، الذي يرقد في المستشفى بحالة خطيرة".
وعن شقيقته، قال صغيّر: "ربى إنسانة مكافحة ومحبة لعائلتها، ومعطاءه لمن حولها. كانت تعمل وتساعد زوجها الذي يعاني من عدة أمراض، وفي الوقت ذاته، ربة منزل حنونة ومحبة لكل جيرانها".
من جهته، قال قريب العائلة، محمد فرحات، في حديثه: "نتحدث اليوم عن امرأة كانت السند الحقيقي لزوجها وأطفالها. في الفترة الأخيرة، تدهورت حالة الزوج الصحية، ومكث في المستشفى لمدة ثلاثة أشهر، ولا يزال وضعه الصحي صعبًا جدًا".
وأضاف فرحات "كانت ربى ترافق زوجها وتسعى ليلاً ونهارًا في محاولات علاجه بين كافة المؤسسات الطبية والمدنية، على أمل تحسن وضعه الصحي".
وتابع "المصيبة التي نمر بها لا مثيل لها. أسباب الحريق حتى الآن غير واضحة، والتحقيقات ما زالت جارية. وبحسب الكاميرات، فإن الحريق استمر لفترة ليست قصيرة، وعلى ما يبدو، كانت ربى وراحل نائمتين داخل الغرفة، وتوفيتا اختناقًا".
وختم فرحات حديثه بالقول: "كل المؤشرات والاتصالات تشير إلى أن الجنازة ستكون في ساعة متأخرة من نهار اليوم".
فيديو: رسالة من الأب والزوج الثاكل محمد مصطفى عيد أسدي: "رجاءً توقفوا عن الإشاعات"
من جانبه، أعلن مجلس دير الأسد المحلي الحداد في البلدة. وجاء في بيان صدر عنه: "في أعقاب الحادث المأساوي الذي شهدته قريتنا ليلة أمس، والذي أسفر – بكل أسى وحزن – عن وفاة أم وطفليها نتيجة حريق اندلع في منزلهم، خيّمت على بلدنا الحبيب غمامة من الحزن، واعتصر الألم قلوب الجميع. لقد ارتدت قريتنا ثوب الحداد، ولسان حالنا لا ينفك يترحم على من فقدنا، ويدعو بالشفاء العاجل للطفل آدم، الذي ما زال يرقد في قسم العناية المكثفة".
وأضاف البيان: "أمام هول الفاجعة وعمق الألم، يعلن المجلس المحلي بكامل هيئاته وأقسامه، بالتعاون مع وزارة المعارف، عن يوم حداد رسمي غدًا الأحد، ابتداءً من الساعة الثانية عشرة ظهرًا. وعليه: تلتزم جميع المدارس ورياض الأطفال والبساتين وأُطر التعليم الخاص بالدوام صباحًا حتى الساعة 12:00 ظهرًا فقط".
وأشار البيان إلى أنه "خلال ساعات الدوام، سيُخصّص المربون والمربيات والهيئات التدريسية الحصص للحديث مع الطلاب عن الحدث، بدعم من المستشارين التربويين، الأخصائيين النفسيين، وقسم الشؤون الاجتماعية، من أجل التخفيف عن الطلاب ومعالجة الآثار النفسية".
وأضاف "نُهيب بجميع مديري المدارس ومربيات البساتين ورياض الأطفال إعلام الأهالي بأهمية التزام أبنائهم بالحضور في هذا اليوم، حتى الساعة الثانية عشرة، ليتسنى للطواقم المهنية تقديم الدعم اللازم ومرافقة الطلاب في مواجهة هذا الظرف الصعب. كما نناشد المصالح التجارية والمحال في القرية بالتضامن والالتزام بأجواء الحداد".
عرب 48
0 تعليقات