أصدر الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، أوامر إخلاء جديدة تستهدف جزءاً مما يسميه "المنطقة الإنسانية الآمنة" وسط وجنوبي قطاع غزة، بزعم "استغلالها لأعمال إرهابية وإطلاق صواريخ"، وهو ادعاء غير صحيح بالمطلق حيث لم تُطلق أي صواريخ من المناطق الجديدة التي شملها قرار الإخلاء في الفترة الأخيرة. ولم تُرصد أية أعمال للمقاومة أو أي نشاطات أخرى للفصائل في المناطق الإنسانية، بعكس مزاعم الجيش الإسرائيلي المتكررة، وآخر عملية إطلاق للصواريخ استهدفت تل أبيب كانت من المناطق الشرقية لمدينة خانيونس على بعد مئات الأمتار من مكان وجود قوات الجيش الإسرائيلي التي تنفذ عملية برية في المنطقة.
وتحت عنوان "تحذير خطير"، نشر الجيش الإسرائيلي بياناً وألقت طائراته بالتزامن منشورات على المناطق المستهدفة لدعوة كل السكان والنازحين الموجودين إلى الإخلاء، وهي مناطق تشمل حارات شرقي دير البلح، والمناطق الشمالية الغربية لمدينة خانيونس وهي القرارة، والمواصي، والجلاء، ومدينة حمد والنصر. ويقلص بهذا التحذير الجيش الإسرائيلي المنطقة الإنسانية التي تضم مئات آلاف الفلسطينيين النازحين من كل مكان في القطاع المدمر.
وإلى جانب رغبته في استهداف المنطقة وربما العودة إلى العملية البرية فيها، يستهدف إعلان الجيش الإسرائيليالمتكرر عن أوامر إخلاء نفسيات المدنيين الفلسطينيين الذين يشعرون بالارتباك مع كل أمر إخلاء، في ظل تكرار عمليات النزوح وصعوبة إيجاد أماكن بديلة، خاصة مع الاكتظاظ الكبير للسكان في المناطق الضيقة التي حشر فيها الجيش الإسرائيلي أكثر من مليون ونصف مليون نازح ومواطن. وتُحدث الاتصالات الهاتفية والمنشورات والتهديدات الإسرائيلية للفلسطينيين حالة من الإرباك، فهي إلى جانب تشريدهم وإرباكهم، تصدر في بعض الأحيان بمسميات مناطق تم تغييرها فلسطينياً منذ سنوات طويلة، لكن الجيش يعتمد التسمية الخاصة به ما يؤدي إلى مزيد من الارتباك والإرباك في صفوف الفلسطينيين.
وقال صحافيون ومراسلون ميدانيون لـ"العربي الجديد"، إنّ المواطنين والنازحين يشعرون بالخوف الشديد في ظل الإخلاءات المتتالية، وهي تسبب قلقاً وأرقاً لمئات الآلاف من الفلسطينيين في المناطق المستهدفة بأوامر الإخلاء، خاصة في ظل تكرارها. وذكروا أيضاً أنه جرى رصد عمليات تفكيك خيام ونزوح من المناطق التي أمر الجيش الإسرائيلي بإخلائها، متحدثين عن صعوبات كبيرة في إيجاد النازحين والمواطنين أماكن نزوح جديدة، خاصة في ظل امتلاء مراكز الإيواء والمدارس والشوارع بالنازحين.
وتشير الخريطة التي نشرها الجيش الإسرائيلي، والتي تظهر اقتطاع أجزاء من المنطقة الإنسانية، أن الجيش الإسرائيلي يقترب من فصل المنطقة الإنسانية إلى نصفين شمالي وجنوبي، وهو ما يهدد حياة الموجودين في هذه المناطق ويصعّب من ظروف التنقل والإخلاء.
وفي تعليق على أوامر الإخلاء الإسرائيلية، قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق في تصريح صحافي: "إن إجبار الجيش الإسرائيلي المجرم أهلنا في شمال خانيونس وشرق دير البلح على النزوح إلى ما يسمى "مناطق إنسانية وآمنة"، ليس إلا وسيلة أخرى لتعميق العقاب الجماعي والإبادة التي يتعرض لها شعبنا منذ أكثر من عشرة شهور"، مشيراً إلى أن " الجيش الإسرائيلي يستخدم النزوح سلاحاً في حربه ضد المدنيين العزّل، في محاولة لكسر إرادتهم وزيادة معاناتهم الإنسانية".
وأضاف: " الجيش الإسرائيلي لا يسعى فقط إلى إخلاء المناطق، بل يهدف من خلال هذه السياسة الممنهجة إلى تمهيد الأرضية لمجازر جديدة بحق شعبنا الصامد، وإدامة جرائمه ضد الإنسانية التي تُصنَّف بوضوح جرائم حرب وفق القانون الدولي"، مشدداً على أن إجبار الآلاف من المدنيين على النزوح المتكرر أدى إلى تكدسهم في ظروف قاسية تهدد حياتهم، وتفاقم الأزمة الإنسانية، في انتهاك صارخ للاتفاقيات والقوانين الإنسانية الدولية.
وتابع: "في ظل استمرار العدوان، ومع انطلاق جولة جديدة من المفاوضات في الدوحة لوقف إطلاق النار، نحمّل الإدارة الأميركية المسؤولية عن جرائم الجيش الإسرائيلي هذه، ونطالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والحقوقية بالتحرك الفوري، والقيام بواجبهم القانوني والإنساني لوقف هذه الإبادة الجماعية المستمرة بحق شعبنا".