آخر المواضيع

الشرق الأوسط “اشتعل”.. هآرتس: حرب إسرائيل على غزة “تحولت” إلى صراع إقليمي بالفعل


 ذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن الحرب على غزة قد تحولت بالفعل إلى صراع إقليمي يضع إيران على مسار مواجهة وشيكة مع الولايات المتحدة، فما مؤشرات هذا التصعيد الخطير؟


وربط تقرير Haaretz بين الأحداث المتلاحقة في أعقاب شن إسرائيل حربها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بدعم عسكري أمريكي غير مسبوق من جهة، واتساع نطاق الصراع فيما وصفته الصحيفة العبرية بأنه يمثل تهديداً لوكلاء إيران.

كانت إسرائيل قد شنَّت منذ عملية "طوفان الأقصى" العسكرية، يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، قصفاً جوياً وبحرياً على قطاع غزة، تبعه اجتياح بري، معلنةً عن هدفين رئيسيين هما: تدمير المقاومة، وتحرير الأسرى بالقوة العسكرية.

و"طوفان الأقصى" هو الاسم الذي أطلقته حماس على العملية العسكرية الشاملة، التي بدأت فجر السابع من أكتوبر/تشرين الأول، رداً على "الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني". ففي تمام الساعة السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي في فلسطين، شنَّت "حماس" اجتياحاً فلسطينياً لمستوطنات الغلاف المحاذية لقطاع غزة المحاصَر، حيث اقتحم مقاتلون من كتائب عز الدين القسام البلدات المتاخمة للقطاع، في ظل غطاء جوي من آلاف الصواريخ التي أُطلقت من غزة باتجاه تل أبيب والقدس ومدن الجنوب.

ووسط حالة الذعر والصدمة التي انتابت الإسرائيليين، وانتشار مقاطع فيديو وصور لدبابات ومدرعات تابعة لجيش الاحتلال، إما محروقة أو تحت سيطرة المقاومين الفلسطينيين، وأسر العشرات من جنود جيش الاحتلال والمستوطنين، وسيطرة فلسطينية كاملة على مستوطنات، أعلنت دولة الاحتلال أنها "في حالة حرب"، للمرة الأولى منذ حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.

ضربات إيران في كردستان العراق

ذكر تقرير هآرتس أن الصواريخ والطائرات المسيَّرة التي أطلقتها إيران، الثلاثاء 16 يناير/كانون الثاني، باتجاه كردستان العراق، وعلى أهداف في باكستان وسوريا، تعتبر "تهديداً كبيراً". ففي أربيل، عاصمة الإقليم الكردي، ضربت إيران ما وصفته بـ"قاعدة الموساد في كردستان" وقتلت ستة مدنيين، بينهم رجل أعمال معروف وابنه. كما قصفت إيران قاعدة لميليشيا "جيش العدل" السنية في باكستان. وفي هجوم على "أهداف تنظيم القاعدة" في إدلب السورية، قُتِلَ مدني.

النتيجة الأهم في هذه الضربات، بحسب الصحيفة العبرية، كانت الانفجار السياسي الذي حدث على المحور بين بغداد وإسلام آباد وطهران. إذ لم يكتفِ رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني بإدانة شديدة لـ"انتهاك سيادة العراق" من قِبل شريكه التجاري الرئيسي، بل تقدم بشكوى ضدها في مجلس الأمن. وردت باكستان، الدولة التي تتمتع بقدرات نووية مؤكدة، بضربة جوية على الأراضي الإيرانية ضد الانفصاليين البلوش.

الموقف "المتفجر" في البحر الأحمر

عندما تضاف هذه الهجمات إلى الصراع الذي المشتعل في البحر الأحمر بين الحوثيين والجيش الأمريكي، حيث هاجمت الطائرات والصواريخ الأمريكية أهدافاً للحوثيين في اليمن، فمن السهل للغاية ربط رؤوس مراكز الصراع هذه وتحديد أن الخوف من أن الحرب الإسرائيلية على غزة سوف تتحول إلى حرب إقليمية قد أصبح حقيقة بالفعل، بحسب تقرير هآرتس.

وترى الصحيفة العبرية أنه يبدو أن هجمات إيران المباشرة تقوض أيضاً مفهوم أنها تشن "حرباً بالوكالة" فقط، بحيث لا تبدو منخرطة بنفسها ولا تخاطر بنفسها في صراع عنيف ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، إذ تثير دراسة الأحداث الأخيرة التساؤل عما "إذا كانت إيران لم تكن لتتصرف بهذه الطريقة حتى لو لم تكن الحرب في غزة مشتعلة". 

ففي مارس/آذار 2022، أطلقت إيران 12 صاروخاً من طراز فتح أصابت أطراف مدينة أربيل. وكان الحرس الثوري، الذي أعلن مسؤوليته عن إطلاق النار من محافظة أذربيجان الغربية الإيرانية، قد هدد قبل أيام قليلة بأن إيران ستنتقم لمقتل العقيدين إحسان كربلاء بور ومرتضى سيد نجاد اللذين قُتلا في دمشق في عملية نُسِبَت إلى إسرائيل. 

وحتى ذلك الحين، أوضح المتحدثون باسم الحرس الثوري أن الهجوم كان يستهدف قاعدة للموساد. وفي الشهر الماضي، أضيف سبب آخر لرد الفعل الإيراني العنيف ضد إسرائيل بعد مقتل رضي موسوي، قائد فيلق القدس في دمشق، في عملية نُسِبَت إلى إسرائيل، وإلى هذا يمكن أن يضاف أيضاً الحساب الأقدم الذي فُتِحَ بين الدولتين على خلفية مقتل كبار العلماء النوويين، مثل محسن فخري زاده الذي قُتل في تشرين الثاني/نوفمبر 2020، فضلاً عن عدد من القادة في الحرس الثوري الذين كانوا يعملون في دمشق.

هل اتسع نطاق الحرب على غزة؟

تزعم الصحيفة العبرية أنه على الرغم من أن إيران حاولت مرات لا تحصى، دون جدوى، تنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية ومدنيين في دول أجنبية، فإنها حتى لو كانت ترى الهجوم في أربيل بمثابة حلقة في تصفية الحساب مع إسرائيل، "فقد حرصت على فصل الأمر عن الحرب على غزة".

وفي الساحة اليمنية، كما في لبنان والعراق، لا تزال إيران تحافظ على مسافة كبيرة بين التدخل المباشر ودعم أعمال الحوثيين وحزب الله. إذ إن "استقلال القرار" بالنسبة للحوثيين ولحزب الله هو "أمر تحافظ عليه إيران بعناية، حتى لا تضع إيران نفسها على خط النار". 

لكن لدى إيران عدة حروب مطلوب منها خوضها في الوقت نفسه، ضد تنظيم داعش وضد تنظيمات المعارضة المسلحة، وهذا يعني أن مساعي الفصل بين "جبهة غزة" وانتشارها في لبنان واليمن، والتزام إيران بالرد، فضلاً عن الهجمات الإرهابية التي نفذها تنظيم داعش في مدينة كرمان، الشهر الذي قُتل فيه ما يقرب من 90 شخصاً، أو هجمات داعش في مدينة شيراز عام 2022، وأوائل عامي 2017 و2018، يمكن أن يضعها في تناقض استراتيجي، بحسب هآرتس.

على سبيل المثال، وقع الهجوم في مدينة أربيل هذا الأسبوع في وقت يتقدم فيه العراق بسرعة في إجراءات انسحاب جميع القوات الأمريكية من العراق. وسبق أن وافق البرلمان العراقي على الطلب الرسمي في يناير/كانون الثاني 2020، بعد أن قتلت الولايات المتحدة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، في قصف جوي في بغداد، وجُدِّدَ الطلب مؤخراً بعد أن هاجمت الولايات المتحدة قواعد تابعة لـ"حزب الله العراقي" قرب بغداد في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وسبق لرئيس الوزراء، السوداني، أن شكَّل لجنة مشتركة مع الأمريكيين لبحث طريقة وتوقيت مغادرة 2500 جندي أمريكي متمركزين في العراق، وهو ما سيتم بحثه هذا الأسبوع مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو).

ترى الصحيفة العبرية، بطبيعة الحال، أن هذه الخطوة تخدم مصالح إيران وحلفائها في العراق بشكل جيد، وهؤلاء الحلفاء يسعون جاهدين لإزالة الوجود الأمريكي من البلاد. وهذا أيضاً هو هدف الهجمات المتكررة التي تنفذها الميليشيات الشيعية ضد الأهداف الأمريكية في العراق، والتي تزايدت بشكل كبير منذ بداية الحرب على غزة. ومع ذلك، فإن الهجوم في أربيل، في الأراضي العراقية ذات السيادة، قد يضر في الواقع بالعملية، ويكثف المشاعر المعادية لإيران، وربما يؤخر أيضاً مناقشة انسحاب القوات الأمريكية.

اتساع نطاق المواجهة في اليمن والعراق

في ساحة البحر الأحمر أيضاً، قد يكون الصراع بين الولايات المتحدة والحوثيين، وهو صراع مرتبط بالحرب الإسرائيلية على غزة، بمثابة ارتداد ضد إيران، بحسب هآرتس، "فحتى الآن، استفاد الحوثيون من كلا العالمين" فهم القوة الوحيدة في ساحة الصراع الإقليمي التي أفرزتها الحرب في غزة، التي شنت هجوماً مباشراً من نفسها، وضربت ممراً ملاحياً دولياً حيوياً وألحقت أضراراً بالاقتصاد العالمي".

وتزعم الصحيفة أيضاً أنه يمكن للحوثيين، أكثر من أي جهة أخرى، أن يتباهوا بتوسيع الحرب على غزة إلى حملة إقليمية. وفي الوقت نفسه، تمكنوا من الحصول على اتفاق جيد من السعودية بشأن التعاون الاقتصادي الذي فتح أنشطة ميناء الحديدة ومطار صنعاء"، إلا أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أعادت تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، وذلك بعد رفعهم من قائمة المنظمات الإرهابية الدولية التي أدرجوا فيها في عهد دونالد ترامب.

هذا الوضع الجديد، الذي سيدخل حيز التنفيذ خلال 30 يوماً، قد ينسف الإنجازات التي حققها الحوثيون بل يغلق عليهم قنوات المساعدات والتمويل الدوليين التي يأملون في تحقيقها على المدى الطويل، بحسب هآرتس. وأضافت الصحيفة أن الحوثيين قد يظهرون سياسة مستقلة لا تخضع بالضرورة للإملاءات الإيرانية، وقد يعبِّرون عن استيائهم من خلال مهاجمة أهداف في مناطق ودول أخرى مجاورة.

تم تحديث الموضوع في

إرسال تعليق

0 تعليقات

تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي

أخر المنشورات

أهم الاخبار

تابعونا على موقعنا اخبارنا سوا