آخر المواضيع

بوساطة أمريكية.. تفاصيل التنسيق الأردني مع الاحتلال بشأن الإنزال الجوي في غزة والشروط الإسرائيلية


 لا يزال الإنزال الجوي الأردني المحمل بمساعدات طبية في قطاع غزة محلاً للنقاش، لا سيما حول كيفية وصول وتحليق الطائرة العسكرية الأردنية فوق أجواء غزة، في ظل الحرب الدائرة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي.

كشفت مصادر خاصة لـ"عربي بوست" تفاصيل متعلقة بالتنسيق الأردني الإسرائيلي بشأن إيصال المساعدات إلى غزة عبر الإنزال الجوي الأردني، متحدثة عن دور أمريكي لإنجاح وصول المساعدات الطبية العاجلة للمستشفى الميداني الأردني في شمال قطاع غزة.

أكدت المصادر أنّ العاهل الأردني هو الذي أشرف بنفسه على وصول طائرة نقل عسكرية (c-130)، أمريكية الصنع، إلى المستشفى الميداني الأردني في غزة، وأنه قام بالتنسيق المباشر مع الجانب الإسرائيلي بوساطة من الخارجية الأمريكية.

وتمتلك القوات المسلحة الأردنية طائرات عدة من طراز "C-130" وهي أمريكية الصنع، حيث تسلمت طائرتين من أصل 3 طائرات من القوات الجوية الأمريكية قبل عامين، للمساهمة في زيادة قدرة سلاح الجو الملكي الأردني على تنفيذ المهام المسندة إليه.

وكانت هيئة البث الإسرائيلية أعلنت أنّ عملية الإنزال الجوي الأردني تمت "بالتنسيق الكامل مع الجيش الإسرائيلي، حيث أسقطت طائرة أردنية معدات طبية ومنتجات غذائية إلى المستشفى الأردني في غزة، وسيستخدم المستشفى هذه المعدات للموظفين والمرضى".


تؤكدّ المصادر ذاتها أنّ عملية الإنزال الجوي الأردني في غزة تمت على ارتفاع 17 ألف قدم، وكانت تحتاج إلى طيارين محترفين ذوي خبرة عالية في مناطق الصراع والحروب، وتمت بتنسيق بين المخابرات الأردنية والإسرائيلية بوساطة أمريكية. 

من جانبه، أكد وزير الإعلام السابق سميح المعايطة، في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، أنّ حركة طائرة عسكرية أو مدنية خارج أراضي أي دولة تحتاج إلى تنسيق مع الأطراف الأخرى، وإعلامهم بشكل مباشر أو عبر وسطاء، فكيف يكون الحال في منطقة تشهد عمليات عسكرية وقصفاً من الاحتلال الإسرائيلي.

وأشار إلى أنّ الهدف المباشر والعملياتي لإرسال الطائرة هو تأمين احتياجات المستشفى الأردني في غزة وطاقم العمل الذي فيه، وبشكل عاجل، خاصةً في ظل الوضع الإنساني الصعب لأهالي غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي. 

الوساطة الأمريكية

وحول الوساطة الأمريكية لإنجاح عملية وصول الطائرة العسكرية إلى قطاع غزة، قال المعايطة: "الولايات المتحدة وحتى إسرائيل تدركان أنّ الأردن الصوت المعتدل والحريص على السلام الحقيقي، وأنه يشعر بالغضب مما تفعله إسرائيل، وهناك خيبة أمل أردنية من الانصياع الأمريكي لكل ما تريده وتفعله إسرائيل من عدوان بحق الفلسطينيين"، مشدداً على أنّ واشنطن تدرك دور الأردن ومكانته الإقليمية، وهي حريصة على علاقة قوية معه، وبالتالي عمدت إلى التوسط في قضية الطائرة في محاولة لإطفاء الحرائق التي تفتعلها إسرائيل في المنطقة، ولامتصاص الغضب الأردني تجاه الجرائم الإسرائيلية في القطاع. 

كشف وزير الإعلام السابق أنّ "هناك رسائل تتعلق بإسرائيل من خلال ما حدث، خاصة في ظل الغضب الأردني والرفض لكل ما تفعله إسرائيل في غزة، بأنّ الأردن يحفظ مصالحه بطريقته، بما فيها المصالح السياسية التي تناقض المخططات الصهيونية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية". 

بدوره، قال عضو مجلس الأعيان، إبراهيم البدور، في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، إنّ الأردن تمكن من تحقيق اختراق في المجال الجوي لإيصال مساعدات إلى سكان قطاع غزة، في ظل الحصار الكبير على القطاع وعدم القدرة على إدخال المساعدات من الجانب المصري، منوهاً بأنّ تلك الخطوة التي قام بها الأردن مهمة، حتى وإن جاءت بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي وبوساطة أمريكية.

وأكد وصول المساعدات بالفعل على أرض المستشفى الميداني الأردني، وأنّ تلك المساعدات الطبية هبطت بسلام بدون أن تتضرر. 

في سياق متصل، كشف المستشار والمحلل السياسي والأمني الأردني محمد الملكاوي، في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، أن "الملك الأردني عبد الله الثاني أقنع بنفسه القيادات الإسرائيلية والأمريكية بضرورة تقديم احتياجات المستشفى العسكري الميداني الأردني الطبية والإغاثية والتموينية في قطاع غزة بشكل عاجل، عن طريق عملية إنزال جوي بواسطة طائرة عسكرية أردنية أمريكية الصنع من سماء قطاع غزة".

كل هذه الجهود تأتي بحسب تأكيدات الملكاوي، بعد نفاد الاحتياجات الأساسية من المستشفى الأردني، بسبب الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ ما يزيد على شهر، وذلك في ظل سماح الاحتلال الإسرائيلي بدخول عدد محدود يومياً من شاحنات الإغاثة من مصر عبر معبر رفح، خاصةً أنّه ليس من السهل إرسال هذه المواد إلى المستشفى الأردني برياً إلى جهة الشمال، لإدخالها عبر معبر رفع الحدودي بين مصر وقطاع غزة.


لفت الملكاوي إلى أنّ عملية إنزال مثل هذه الحمولة بالمظلات، والتي تجري لأول مرة، احتاجت إلى حسابات دقيقة، خاصةً في الليل، وذلك لضمان نزولها في المنطقة المخصصة لها، إذ هبطت المظلات بشكل دقيق وفق ما بينته الصور والفيديوهات، وتسلمها فريق من المستشفى بنجاح.

وقال إنّ هناك مستشفيين أردنيين في جنين ورام الله في الضفة الغربية، وثالثاً في قطاع غزة، وسبق للقوات المسلحة الأردنية أن أقامت، بتوجيهات ملكية، مستشفياتٍ عسكريةً ميدانيةً في العراق ولبنان وأفغانستان وإيران وكرواتيا وكوسوفو وسيراليون وليبيريا وهاييتي والكونغو وتركيا وغيرها.

في حين قالت المصادر الخاصة، إن الوساطة الأمريكية أتت في وقت تشهد فيه العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين الأردن وإسرائيل إلى حالة من التوتر غير مسبوقة، مشيرة إلى أن سبب ذلك يعود إلى "الرضوخ الأمريكي للمطلب الإسرائيلي بتهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء ومن الضفة إلى الأردن".

وشددت على أن الأردن لديه موقف ثابت متعلق بعدم تهجير الفلسطينيين عن أرضهم إلى الأردن، وتوطينهم هناك، بالإضافة إلى أن ردود الفعل الإسرائيلية على تصريحات الملكة رانيا التي انتقدت فيها الجرائم الإسرائيلية في غزة ضد الأطفال وازدواجية المعايير التي جاءت مهاجمة لها على موقفها وبشكل علني عبر وسائل الإعلام المختلفة أثار غضباً أردنياً كبيراً، وأدى إلى الطلب من الجانب الإسرائيلي عدم عودة سفيره إلى المملكة.

"امتصاص للغضب الأردني وإرضاء للملك"

معلقاً على الوساطة الأمريكية وموافقة الاحتلال على عملية الإنزال الجوي الأردني في غزة، قال المحلل السياسي الأردني عمر النظامي في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، إنّ السبب الأساسي للعملية "امتصاص الغضب الأردني، وسعي أمريكي لإرضاء الملك للتخفيف من حالة تسارع الغليان الشعبي في المملكة".

وأشار إلى أنّ هناك دوراً أمريكياً واضحاً في عمليات تسهيل عملية الإنزال التي جاءت بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي.

وقال إنّ "التنسيق الذي حصل كان نتاج اتفاقية التعاون الدفاعي بين الجانب الأمريكي والأردني، التي تقوم على مبدأ التنسيق الأمني والعسكري، وتوفير الدعم اللوجيستي والخدمات للقيام بالأنشطة بين الطرفين، الأمر الذي يعزز من الدور الأردني".

من جانبه، أكد مفتي الهيئة الهاشمية للمصابين العسكريين، الدكتور عايد الجبور، في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، أنّ العملية تمت في أجواء دقيقة، وبمتابعة مباشرة من العاهل الأردني الملك عبد الله، كاشفاً أنّ المساعدات حملت معها مساعدات طبية ودوائية عاجلة للمستشفى الميداني الأردني في قطاع غزة. 

وكشف الجبور أنّ "ملك الأردن أراد من خلال عملية الإنزال الجوي الأردني هذه إيصال رسالة للجانب الإسرائيلي، بأنّ تصفية القضية الفلسطينية خطٌّ أحمر، وأنّ الحصار المفروض على غزة، والاعتداءات المباشرة على المدنيين في غزة، أمر مخالف للأعراف والمواثيق الدولية".

ورفض الجبور الروايات المتداولة إعلامياً بشأن أن المساعدات لم تصل، وأن ما حصل مجرد امتصاص لغضب الشارع الأردني، مؤكداً أن "سلاح الجو الأردني والقوات الخاصة الأردنية تمتلك قدرة عالية جداً في عمليات الإنزال بالمظلات بدقة عالية جداً، حتى وإن كانت مساحة المستشفى الميداني الأردني محدودة"، مشدداً أنّ هناك تقنيات تستطيع تحديد نقطة الإنزال ضمن مربع معين.

شروط إسرائيلية
وأوضحت مصادر خاصة أن الجانب الإسرائيلي كان له شروط محددة للموافقة على عملية الإنزال الجوي الأردني في غزة، متعلقة بطبيعة المساعدات.

وقالت إن الإسرائيليين أخبروا الجانب الأردني عبر الوساطة الأمريكية، بأن المساعدات يجب أن تتضمن فقط مواد غذائية وطبية، بإشراف أمريكي.

وتابعت أن الأردن لم يكن رافضاً لهذه الشروط، وإنما كان مُصراً على عملية الإنزال الجوي الأردني في غزة لإيصال المساعدات الأساسية اللازمة للمستشفى الميداني، الذي يقع في تل الهوى، في شمال غزة، وهي منطقة بعيدة تماماً عن معبر رفح، وتشهد توغلاً برياً إسرائيلياً واشتباكات مستمرة بين المقاومة والاحتلال.

طبيعة دور وعمل المستشفى الميداني

يعد المستشفى الميداني الأردني في قطاع غزة مستشفى عسكرياً أردنياً، يملكه الجيش الأردني، وتمّ تأسسيه في يناير/كانون الثاني 2009، ويقع مقره في حي تل الهوى في مدينة غزة، التي تتعرض بشكل يومي لغارات إسرائيلية متكررة، وتبلغ قدرته السريرية 40 سريراً.

يعتمد المستشفى في عمله على إرسال مجموعات متكررة من الجنود والطواقم الطبية العسكرية كل 3 أشهر، إذ وصل عدد دفعات الطواقم منذ إنشاء المستشفى حتى الوقت الحالي إلى 76 دفعة.

يكشف عضو مجلس الأعيان، استشاري جراحة الدماغ والأعصاب والعمود الفقري إبراهيم البدور، الذي سبق أن عمل في المستشفى لأكثر من 3 أشهر، في حديث خاص لـ"عربي بوست"، أنّ المستشفى يعد متكاملاً في تجهيزاته ويحتوي على غالبية التخصصات، وكان يعالج في فترة عمله العديد من الحالات المتنوعة، مشيراً إلى أنّه كان يعالج في فترة حرب 2009 إصابات متعددة في العمود الفقري.


وأكد البدور أنّ المستشفى يضم ما بين 180-200 عامل، وجميع طاقمه يعدون من المرتبات العسكرية، ولا يضم بين جنباته أطباء يتبعون لوزارة الصحة، حيث يتبع المستشفى إلى الخدمات الطبية الملكية، وهي الجهة المسؤولة عن تقديم الرعاية الطبية والوقاية الصحية لمنتسبي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.

حول استقبال المستشفى الميداني جرحى ومصابين في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لم يستطع البدور تأكيد مثل هذه المعلومات، نظراً لأنّه أنهى عمله مع المستشفى، مشيراً إلى أنّه في فترة خدمته في المستشفى الميداني كانت الحالات المستعصية التي لا يستطيع علاجها يتم تحويلها إلى المدينة الطبية في العاصمة الأردنية عمّان.

تم تحديث الموضوع في

إرسال تعليق

0 تعليقات

تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي

أخر المنشورات

أهم الاخبار

تابعونا على موقعنا اخبارنا سوا