انطلقت صباح اليوم، الثلاثاء، من مدرسة "يني يني" الثانوية في كفر ياسيف مسيرة صامتة شارك فيها طلاب، معلمون، وأهالٍ، وذلك احتجاجًا على مقتل الطالب نبيل أشرف صفية (15 عامًا)، الذي قضى متأثرًا بجراحه إثر تعرضه لإطلاق نار في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أثناء تواجده في نزهة قصيرة داخل البلدة.
وجاءت هذه المسيرة بمبادرة طلابية، بالتعاون مع لجنة أولياء أمور الطلاب والمجلس المحلي في كفر ياسيف، وتهدف إلى دعم الطلاب نفسيًا في أعقاب الجريمة، والتعبير عن حزنهم لفقدان زميلهم.
ورفع المشاركون صورًا للطالب المرحوم نبيل صفية، إلى جانب لافتات كتبت عليها شعارات منددة بالعنف والجريمة. كما ارتدوا الزي الأسود تعبيرًا عن الحداد والغضب، مؤكدين رفضهم المتواصل لتصاعد مظاهر العنف في المجتمع.
كما أطلق المتظاهرون رسائل شددت على أن العنف بات يهدد الجميع دون استثناء، مؤكدين أن الصمت لم يعد خيارًا، ومطالبين الجهات ذات العلاقة بتحمّل مسؤولياتها لضمان أمن الطلاب وأفراد المجتمع كافة.
والد نبيل صفية: "سأحمل حقيبته وأجلس على مقعده تكريمًا لروحه"
في مشهد مؤثّر خلال المسيرة الصامتة، تحدث د. أشرف صفية، والد الفقيد نبيل صفية (15 عامًا)، بصوت مفعم بالحزن، مستذكرًا سنوات ابنه الخمس عشرة التي امتلأت بالأخلاق والرضا.
وأكد أن نبيل خرج في يومه الأخير وهو مطمئن القلب، بعد أن نال رضا والديه، مشيرًا إلى أن ذكراه ستظل نداءً للمحبة والتراحم.
وعبّر الوالد عن امتنانه العميق لكل من وقف إلى جانب العائلة في مصابها، معلنًا عزمه زيارة المدرسة حاملاً حقيبة نبيل ليجلس على مقعده في الحصة الأولى، وداعيًا زملاءه الطلاب إلى الالتزام والانضباط المدرسي تكريمًا لروحه.
رسائل محبة وصمود في وداع نبيل صفية: "لا تجعلوا الحزن يجمّد أحلامكم"
من قلب الأم المفجوعة، تمسّكت المربية راوية صفية بما تبقى لها من قوة، مستمدّة صمودها من دموع طلاب ابنها ومحبة الناس. شكرت كل من وقف بجانب العائلة، خاصة رئيس المجلس عصام شحادة والطاقم التربوي، ووجّهت رسالة للطلاب دعتهم فيها إلى مواصلة مسيرتهم التعليمية كما أحب نبيل، معبّرة عن أملها برؤيتهم جميعًا يوم التخرّج، مؤكدة أن ابنتها شام وأشقاءها سيعودون للدراسة، كما ستعود هي بقوة وجودهم.
في ذات السياق، قال رئيس لجنة أولياء الأمور، ربيع حاج، إن نبيل كان ابن كفر ياسيف كلها، وخسارته هزّت المجتمع، مشيدًا بتعامل المجلس المحلي ومدير المدرسة مع اللحظة الحرجة. ووجّه رسالة للطلاب: "لا تدَعوا الحزن يجمّد أحلامكم، فقد يحمل أحدكم حلمًا كان نبيل يسعى لتحقيقه".
"رحيل نبيل صفية وحّدنا بالحزن... فليوحّدنا بالمحبة أيضًا"
في كلماتٍ مؤثّرة، عبّرت الطالبة جويل بولس عن الصدمة التي يعيشها طلاب كفر ياسيف بعد فقدان زميلهم نبيل صفية، مشيرة إلى الفراغ الذي خلّفه في قلوبهم ومقاعدهم.
وأكدت أن وجودهم في المدرسة ما هو إلا محاولة لتفسير مشاعر الغضب والحزن، وللتأكيد على أن ذكراه ستظل حيّة في وجدانهم، داعية إلى التقارب والمسامحة في ظل الفقد.
بدورها، وجّهت الطالبة نتالي صفية رسالة دعم مؤثرة إلى شام، شقيقة المرحوم، مؤكدة أن حضورها بين زملائها هو مصدر قوة، وابتسامتها أمل للمضي قدمًا.
وختمت بأن كفر ياسيف قادرة على تجاوز الألم حين يتكاتف أبناؤها، وأن رحيل نبيل يجب أن يكون دافعًا لتحويل الحزن إلى محبة أعمق لأهل البلدة وطلابها.
كلمات من القلب في وداع نبيل: دعوة لوعي جديد يوقف العنف
في مشهد إنساني عميق، عبّرت الطالبة هيام منصور عن الفاجعة التي ألمّت بكفر ياسيف إثر مقتل زميلها نبيل صفية، مؤكدة أن هذا اليوم ليس للخطابات، بل للاتحاد القلبي في وجه الغياب المؤلم، ومشددة على أن نبيل ليس رقمًا في قائمة الضحايا، بل روحًا من هذا المجتمع يجب أن تُلهم جيلًا جديدًا لوقف دوامة العنف.
من جانبه، أكد مدير مدرسة "يني يني"، ميخائيل خوري، أن مشاركة نحو 500 طالب في المسيرة الصامتة حملت رسالة قوية بأن "جميع طلاب المدرسة هم نبيل"، مشيدًا بسلوكهم الواعي وداعيًا للعودة التدريجي
كفر ياسيف تودّع نبيل صفية وتصرخ في وجه العنف: "كفى"
وفي أجواء من الحزن والغضب، عبّرت الجدة أم أشرف صفية عن ألم العائلة قائلة: "هل يُعقل أن دولة مثل إسرائيل لا تستطيع ردع بضعة زعران؟"، مستنكرة تقاعس السلطات أمام استفحال الجريمة.
أما رئيس المجلس المحلي، عصام شحادة، فأكّد أن كفر ياسيف فقدت أحد أبنائها، واصفًا نبيل بأنه نموذج في الأخلاق، وشدد على أن 98% من المجتمع العربي يرفضون العنف ويعيشون بمسؤولية، فيما تتحمّل الحكومة مسؤولية انتشار الجريمة.
ودعا شحادة إلى منح السلطات المحلية صلاحيات حقيقية لمواجهة العنف، في ظل غياب دور وزارة الأمن الداخلي.
وختم بالقول إن رحيل نبيل لم يكن صدمة لعائلته فقط، بل لبلدة بأكملها ومجتمع ينزف تحت وطأة الجريمة.
دعوات لوقف نزيف العنف
واختُتمت مراسم الحداد في كفر ياسيف بكلمة مؤثرة ألقتها مروى بطاح صفية، قريبة العائلة وعضو لجنة أولياء الأمور، حيث أكدت أن الالتفاف الشعبي حول العائلة خفّف من وقع الفاجعة، معربة عن أملها في أن يكون هذا المصاب نقطة تحوّل حقيقية في مواجهة العنف، حتى لا تدفع بلدة أخرى الثمن بفقدان شاب بريء.
رسائل الحزن التي طغت على الحدث تحوّلت إلى دعوات للمسؤولية والعمل، رفضًا لاستمرار العنف الذي ينهش المجتمع ويخطف أرواح الأبرياء.













0 تعليقات