"خرائط الانسحاب" تعزز الجمود في مفاوضات غزة رغم ضغوط الوسطاء لإبرام اتفاق

 

"خرائط الانسحاب" تعزز الجمود في مفاوضات غزة رغم ضغوط الوسطاء لإبرام اتفاق

تواصلت المفاوضات غير المباشرة بين حركة "حماس" الفلسطينية وإسرائيل في العاصمة القطرية الدوحة للأسبوع الثاني على التوالي، وسط غياب خرائط انسحاب إسرائيلية جديدة، وفق ما أفادت به مصادر في "حماس" لـ"الشرق"، إذ وصفت هذا التأخير بأنه “مماطلة متعمدة” من جانب تل أبيب، في وقت لا يزال الخلاف الأساسي دون حل.

في هذا السياق، قال المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، إن "خلافاً رئيسياً واحداً فقط لا يزال عالقاً"، معرباً عن أمل واشنطن في إمكانية التوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع، إذا ما تم تجاوز عقدة "خرائط الانسحاب". 

ودعت الإدارة الأميركية جميع الأطراف إلى "عدم التوقف عند هذه النقطة فقط، والمضي قدماً لاستكمال عناصر الاتفاق التي تشمل إطلاق سراح الرهائن وضمان تدفق المساعدات الإنسانية".

ورغم التقدم النسبي في بعض الجوانب، إلا أن المفاوضين يحذرون من أن فشل التوصل إلى توافق بشأن خرائط الانسحاب قد يعرقل التفاهمات، ويعيد الأمور إلى مربع الجمود وسط تصاعد التوترات الإنسانية والسياسية في قطاع غزة.

وقال مصدر فلسطيني مطلع على مسار المفاوضات في تصريحات لـ"الشرق"، إن المباحثات المستمرة للأسبوع الثاني، "لا تشهد أي تقدم"، مشيراً إلى أن حركة "حماس"، "تنتظر تقديم الجانب الإسرائيلي خرائط جديدة للانسحاب من قطاع غزة"، بدلاً من الخرائط السابقة التي رفضتها الحركة خلال المفاوضات، لافتاً إلى إصرارها على أن تحقق تلك الخرائط "انسحاباً حقيقياً" وليس إعادة تموضع للقوات الإسرائيلية في القطاع.

وأشار المصدر، إلى أن جلسات المفاوضات، تبحث منذ السبت الماضي، أفكار الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، لافتاً إلى أن وفد تل أبيب، كان يعرض استمرار سيطرة القوات الإسرائيلية على 40% من مساحة القطاع، بما في ذلك "محور موراج" ومعظم مناطق مدينة ومخيم رفح، وبلدة بيت حانون كلها تقريباً، إضافة إلى أجزاء كبيرة من بيت لاهيا وجباليا والسودانية، شمالاً، والمناطق الشرقة (الحدودية) بعمق ما بين 1200 إلى 300 متر بعمق القطاع من الغرب.

ويفصل "محور موراج" بشكل أساسي بين مدينتي رفح وخان يونس، جنوبي غزة، ويبلغ طول المحور نحو 12 كيلومتراً، ويمتد من الشريط الساحلي غرباً إلى الشرق نحو الحدود الإسرائيلية، وسبق أن وصفه نتنياهو بأنه "محور فيلادلفيا ثانٍ"، في إشارة إلى المنطقة الواقعة على الحدود مع مصر في الجنوب.

فيما اعتبر مسؤول فلسطيني، في تصريحات لـ"الشرق"، أن "الاحتلال لا يزال يواصل سياسته الممنهجة في التضليل والكذب وخداع الرأي العام العالمي بشأن التقدم بالمفاوضات".

وأضاف المسؤول أن الجانب الإسرائيلي "يواصل تعطيل مساعي الوسطاء للتوصل لاتفاق حيث يعد بتقديم خريطة جديدة محسنة ومعدلة للانسحاب وإدخال المساعدات لكن على أرض الواقع لا شيء".

وشدد المسؤول على تمسك "حماس" بالانسحاب الإسرائيلي من القطاع، وتقديم ضمانات لوقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الغذائية والدوائية واللوجستية بكميات كافية عبر وكالات الأمم المتحدة، وخاصة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، و"ليس عبر الآليات الدموية التي تقودها مؤسسة ما يسمى بغزة الإنسانية الأميركية الإسرائيلية".

وأشار إلى أن المفاوضات "لاتزال تتواصل" في الدوحة، وأن "هناك مساعي مصرية قطرية حثيثة مع الجانب الأمريكي لدفع إسرائيل لإدخال المساعدات". 

جهود وساطة مستمرة

في غضون ذلك، تواصل كل من قطر ومصر والولايات المتحدة، الوساطة دون تحديد سقف زمني للمفاوضات. 

وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أن بلاده "تبذل جهوداً لسد الفجوات بين الطرفين"، ورفض الاتهامات الإسرائيلية الموجهة للدوحة بأنها "تلعب على الحبلين".
 
وتركز مصر على مبادرة لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، يتضمن إطلاق المحتجزين على دفعات (بمعدل خمسة أسبوعياً).

إطار المفاوضات الجارية في الدوحة

يشمل إطار المفاوضات الجارية في الدوحة، التي تقودها قطر ومصر بالتنسيق مع الولايات المتحدة، النقاط التالية:

  • وقف شامل لإطلاق النار لمدة 60 يوماً.
  • إطلاق "مرحلي" لسراح الرهائن والأسرى الفلسطينيين.
  • انسحاب إسرائيلي بناءً على خرائط متفق عليها.
  • تسهيل دخول المساعدات الإنسانية عبر آليات الأمم المتحدة ووكالاتها، لا سيما (الأونروا).
ولا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يكرر أن أي اتفاق يجب أن يتضمن نزع سلاح "حماس"، وتوفير ضمانات أمنية كاملة لإسرائيل، فيما كما كشفت تسريبات إعلامية عن خطة إسرائيلية لإقامة معسكر للنازحين جنوبي غزة، أسمته "مدينة إنسانية" لإيواء النازحين من غزة، وهو ما وصفته مؤسسات دولية إنسانية ومراقبون بأنه "ترحيل قسري مقنّع"، وسط غياب تفاصيل عملية واضحة لتنفيذ هذا المقترح.

ورقة ضغط إسرائيلية جديدة

ونقلت تقارير إسرائيلية، عن مراسل إذاعة الجيش الإسرائيلي، دورون كادوش، أن الجيش انتهى من إنشاء محور جديد يُدعى محور "مَجِن عوز"، بعد السيطرة على محاور "نتساريم، "فيلادلفيا"، و"موراج".

وقالت التقارير، إن المحور الجديد، يشق مدينة خان يونس إلى قسمين: شرقي وغربي، وتم تعبيده بواسطة قوات "الفرقة 36"، التي كانت تناور في خان يونس خلال الأشهر الماضية.

وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإن "هذا المحور يشكّل جزءاً مركزياً من استراتيجية الضغط على حماس، وقد يتم استخدامه كورقة تفاوض جديدة في المحادثات الجارية حول صفقة تبادل الأسرى".

والفكرة وراء شق محور "مَجِن عوز"، الذي أعلن الجيش الإسرائيلي عنه، وفق المخطط التوضيحي، أنه يمكن الآن تقسيم مدينة خان يونس إلى قسمين، جزء شرقي خاضع بالكامل لسيطرة الجيش الإسرائيلي، ولا يوجد فيه أي من سكان من غزة، وجزء غربي لا تزال المعارك فيه بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية مستمرة، كذلك، يضم الجزء هذا منطقة المواصي، حيث يوجد ما يقرب من مليون فلسطيني نازح في مخيمات.

والهدف من هذا المحور هو تقسيم خان يونس إلى قسمين، بحيث يُصبح كل ما هو شرق محور "مَجِن عوز" منطقة شبيهة بما حدث في رفح: منطقة محتلة، تحت سيطرة إسرائيل مباشرة. 

الأهداف المحتملة لإنشاء محور "مَجِن عوز"

  • ورقة ضغط في المفاوضات: أصبح بالإمكان الآن التفاوض ليس فقط على الانسحاب من محور "موراج"، بل أيضاً من محور "مَجِن عوز".
  • توسيع محتمل للمدينة الإنسانية المستقبلية: المزيد من المساحة يمكن أن تُستخدم لاستيعاب عدد أكبر من السكان الفلسطينيين، في حال تم الاتفاق على إقامة منطقة إنسانية مدنية خالية من "حماس".
  • أداة عسكرية –سياسية– تفاوضية ضمن الرؤية الإسرائيلية لإعادة تشكيل واقع ما بعد الحرب في قطاع غزة.
  • وضع شرق خان يونس تحت السيطرة الإسرائيلية.
  • اقتطاع مناطق واسعة من القطاع، وتحويلها إلى مناطق تابعة لإسرائيل


إرسال تعليق

0 تعليقات

تعريف الارتباط

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة.