تواترت التصريحات الإسرائيلية المتضاربة عقب مطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعادة "جميع" المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، وسط موقف ضبابي من قبل الاحتلال إزاء استمرار المرحلة الأولى من الصفقة، وإعلان جيش الاحتلال جاهزيته للعودة إلى حرب الإبادة في قطاع غزة واستدعاء قوات الاحتياط تحسباً لأي تطورات. وكشفت وسائل إعلام عبرية عن نقاش إسرائيلي داخلي في جلسات عُقدت أمس، ومطالبة المؤسسة الأمنية المستوى السياسي بمنح فرصة لإتمام الدفعة السادسة من تبادل الأسرى في إطار الصفقة وعدم إحباطها.
وأثار إنذار الرئيس الأميركي بالإفراج عن جميع المحتجزين بحلول السبت، حالة إرباك في تل أبيب، أدّت إلى سلسلة من التصريحات المتناقضة، وكشفت عن الخيط الدقيق بين الرغبة في الاستجابة لمطلب ترامب والخوف من انهيار الصفقة لدى بعض المسؤولين الإسرائيليين، ورغبة آخرين باستعجال العودة للقتال.
وفي البداية، أعلنت دولة الاحتلال أنها ستكتفي بالإفراج عن ثلاثة محتجزين يوم السبت، بموجب الاتفاق الأصلي. ولاحقاً، شددت موقفها وطالبت بالإفراج عن المحتجزين التسعة المشمولين في المرحلة الأولى، فيما أعلن "مسؤول سياسي كبير" لاحقاً - عادة يشار بذلك إلى نتنياهو دون ذكره صراحة - إلى أن إسرائيل "تلتزم بإعلان رئيس الولايات المتحدة بأن يخرجوا جميعاً يوم السبت". وأطلّ نتنياهو لاحقاً في تصريحات علنيّة، تجنّب فيها ذكر عدد دقيق للمحتجزين.
وذكرت القناة 12 العبرية أن ما حدث وراء الكواليس يعتبر محاولة متعمّدة لاستغلال ضغط ترامب لتسريع الإفراج عن المحتجزين التسعة الذين هم على قيد الحياة في هذه المرحلة. ومع ذلك، يبدي مسؤولون في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قلقاً كبيراً إزاء رهان نتنياهو، الذي قد يؤدي إلى انهيار المرحلة الأولى من الصفقة وليس فقط عدم الوصول إلى المرحلة الثانية.
ونقل مسؤولون كبار في المؤسسة الأمنية رسالة إلى المستوى السياسي في جلسات مغلقة مفادها أن "علينا التحلّي حالياً بضبط النفس لإكمال المرحلة الأولى حتى نهايتها. لا يجوز كسر الديناميكية الخاصة بإعادة المختطفين"، مضيفين أن "الآلية تعمل والوسطاء يضمنون الاتفاق، وليس هناك سبب حقيقي لقطع الاستمرارية حالياً".
وتعارض موقف المؤسسة الأمنية مع دعوة الوزير بتسلئيل سموتريتش لتبني إنذار ترامب بالكامل. من جانبه، أكد المستوى العسكري أنه رغم امتلاكه "أدوات هجومية مهمة"، فإن الطريق الصحيح هو "استغلال تصريح الرئيس ترامب لتحقيق الإفراج عن أكبر عدد ممكن من المختطفين. وإذا لم يكن هناك تقدّم يعيد الصفقة إلى مسارها، ينبغي اتخاذ قرارات". وأفاد موقع والاه العبري، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين كبيرين لم يسمّهما، بأن أعضاء فريق التفاوض الإسرائيلي، برئاسة رئيس الشاباك رونين بار، قالوا في جلسة المجلس الوزاري المصغّر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، أمس الثلاثاء، إنه يجب محاولة حل الأزمة مع حماس لإطلاق سراح ثلاثة محتجزين يوم السبت وعدم دفع الوضع نحو الانفجار.