أسست سردية إسرائيل ليوم السابع من أكتوبر وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين للإبادة المفتوحة
للحرب على غزة هدف واحد بالنسبة لإسرائيل وهو القضاء على حركة حماس
وبعد عام بات بالإمكان القول إنه تأكد مع كل يوم إضافي يمرّ للعدوان أن للحرب على غزة هدف واحد بالنسبة لإسرائيل وهو القضاء على حركة حماس وحكمها للقطاع وليس إعادة المحتجزين الإسرائيليين والأجانب الذين تم نقلهم إلى قطاع غزة، بعدما أفشل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو جميع مبادرات إطلاق سراحهم عبر صفقات تبادل. وتفيد التقديرات بأن عدد المحتجزين كان نحو 251، لا يزال 101 منهم محتجزين، بينما يقول الجيش الإسرائيلي إن نحو 33 محتجزاً قتلوا، بينما تم تبادل العدد الباقي أو تمكن الجيش الإسرائيلي من الوصول إليهم وإخراجهم.
وإذا كان الأداء العسكري للمقاومة منذ اليوم الأول لبدء الجيش الإسرائيلي عدوانه عقب هجوم السابع من أكتوبر قد ظهر متقدماً وقادراً على توجيه الضربات للجيش الإسرائيلي، ولا يزال مستمراً في إفشال مخططاته العسكرية للقطاع، فإن أوجه القصور تركزت على المستوى السياسي والإعلامي. واستغرقت حركة حماس نحو ثلاثة أشهر لتقدم سرديتها الكاملة للعملية ووضعتها في وثيقتها التي أعلنت عنها في 21 يناير/ كانون الثاني الماضي وحملت عنوان "هذه روايتنا... لماذا طوفان الأقصى"، في سياق "خطوة ضرورية واستجابة طبيعية، لمواجهة ما يحاك من مخططات إسرائيلية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، والسيطرة على الأرض وتهويدها، وحسم السيادة على المسجد الأقصى والمقدسات، وإنهاء الحصار الجائر على قطاع غزة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس"، مشيرة إلى أن معركة الشعب الفلسطيني مع إسرائيل والاستعمار لم تبدأ في السابع من أكتوبر 2023 وإنما بدأت قبل ذلك منذ 105 أعوام من الاحتلال: 30 عاماً تحت الاستعمار البريطاني و75 عاماً من الاحتلال الإسرائيلي".
لا يخفى أن هناك تجاوزات حصلت في عملية 7 أكتوبر تتعلق بخطف مدنيين وقتلهم
ولا يخفى أن هناك تجاوزات حصلت في عملية السابع من أكتوبر تتعلق بخطف مدنيين وقتلهم، وهو ما لم تغفله الحركة، وإن أشارت في وثيقتها إلى أنه "ربَّما يكون قد حدث بعض الخلل في أثناء تنفيذ عملية طوفان الأقصى، بسبب انهيار المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية بشكل كامل وسريع، وحدوث بعض الفوضى نتيجة الاختراقات الواسعة في السياج والمنظومة الفاصلة بين قطاع غزة ومناطق عملياتنا". وبقيت الحركة عاجزة عن تقديم أجوبة حول أسباب تجاهل حماية المدنيين الفلسطينيين وتأمين احتياجاتهم عند تخطيطها للهجوم.
ومن الملاحظات التي يمكن التوقف عندها طويلاً عقب عام من الحرب ما أظهرته من انحياز واسع من وسائل إعلام غربية للرواية الإسرائيلية بكل ما تحمله من أكاذيب وتدليس وتحريف للوقائع فضلاً عن مكارثية جديدة لاحقت المتضامنين مع الفلسطينيين سواء داخل الولايات المتحدة أو في العديد من الدول الغربية، والذين تصاعدت تحركاتهم تباعاً بما يعكس التغييرات في جزء من الرأي العام العالمي تجاه العدوان الإسرائيلي والتعاطي مع القضية الفلسطينية بوصفها قضية جامعة مثل قضية جنوب أفريقيا قبل سنوات، قبل أن تعود هذه التحركات لتفتر ليس فقط بسبب القمع الذي ووجهت به بل أيضاً بسبب طول فترة الحرب. لكن مع ذلك يبقى بالإمكان البناء على هذه التحركات مستقبلاً في ظل مسؤولية يتعين على القيادات الفلسطينية تحملها عبر تطوير خطابها ليكون قابلاً للتفاهم والتوجه إلى هؤلاء الذين أثبتوا وعيهم وعدم انجرارهم وراء سرديات حكوماتهم، خصوصاً في الولايات المتحدة.
ولم تكن لإسرائيل القدرة على التغول في حربها لولا الموقف الأميركي الذي يشترك معها في أهداف الحرب، وخصوصاً لجهة القضاء على حكم حركة حماس وقدراتها. وقد تكرست المواقف الأميركية المتتالية، والتي ظهرت بشكل فج من خلال تكرار استخدام الفيتو في مجلس الأمن لحماية إسرائيل من جميع الجرائم والمجازر المرتكبة وتبني السرديات الإسرائيلية إلى جانب التماهي معها في المواقف السياسية. كما انخرطت دول أوروبية وازنة في حماية إسرائيل ، بينما ذهبت دول أخرى نحو الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967، بما يشكله هذا الأمر من إنجاز لم يكن ليتحقق لولا صمود الفلسطينيين من دون أن يكون لأي طرف سياسي دور في ذلك، بينما اختارت بلدان أخرى الاعتراف العام وهو أمر لا معنى له.