حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" من أن كثيرا من الأطفال في قطاع غزة باتوا غير قادرين على النوم وعيش طفولتهم بهدوء لهول ما رأوه جراء الحرب الإسرائيلية، معربة عن خشيتها على مستقبل هؤلاء الأطفال إذا استمرت الحرب لأكثر من ذلك.
جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع مسؤول الإعلام بمنظمة "اليونيسف" لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، سليم عويس، الذي طالب المجتمع الدولي بالتدخل لوقف هذه الحرب وإعادة المستقبل لهؤلاء الأطفال.
وقال عويس إنه أجرى زيارة إلى قطاع غزة، الأسبوع الماضي، شملت مدينتي دير البلح وخان يونس ومناطق الشمال.
مشهد سينمائي
ووصف عويش ما شاهده في غزة خلال تلك الزيارة بأنه كان أشبه بـ"مشهد من فيلم سينمائي"، حيث تبين له أن ما تنقله وسائل الإعلام عن هذه البقعة من العالم "ليست سوى جزء صغير من الواقع"؛ فـ"عمق الدمار والألم والنزوح هناك هائل للغاية".
وأضاف: "عندما تكون في غزة ستشعر بالوضع المزري، حيث يمكن للمرء مشاهدة شوارع كاملة مدمرة، ومناطق هجرها جميع سكانها تقريبا".
وأردف: "يمكنك هناك أن تشعر بآلام الأطفال؛ فالوضع خطير، والأمر بات لا يُطاق بالنسبة للعديد من الأطفال والعائلات".
وحذر المسؤول بـ"اليونيسف" من أن "الوضع الإنساني في غزة سيء للغاية"، لافتا في هذا الصدد إلى وجود نقص في كل متطلبات الحياة، وحتى في الاحتياجات الأساسية.
وقال موضحا: "كل شيء مفقود تقريبا في غزة؛ فهناك نقص في المياه النظيفة والغذاء ومواد النظافة والإمدادات الطبية والأدوية".
وأشار إلى أن وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة "محدود للغاية"؛ حيث "لا يُسمح بعبور سوى عدد قليل من المساعدات من الجانب الإسرائيلي، فيما لا يزال معبر رفح البري الحدود مع مصر مغلقا منذ 7 مايو/ أيار الماضي.
وأكد أن المنظمات الإغاثية الدولية لا تستطيع إيصال المساعدات إلى غزة إلا عبر معبر كرم أبو سالم الإسرائيلي، وتواجه صعوبات كبيرة لإيصالها عبره.
وقال محذرا: "شهدنا انخفاضا بنسبة تزيد عن 45 بالمئة في وصول المساعدات إلى غزة خلال الفترة من أبريل/ نيسان إلى يوليو/ تموز، وكان تدفق المساعدات منخفضا بالفعل، لكنه انخفض الآن بشكل أكبر".
وأضاف: "تتزايد الاحتياجات الإنسانية في غزة بعد مرور 10 أشهر على بداية الحرب، حيث تفتقر الأسر والأطفال والجميع إلى كافة الاحتياجات الأساسية، فقد خسروا كل ما يملكونه، وليس لديهم الموارد اللازمة لشراء أو توفير الأشياء التي يحتاجون إليها".
وأشار عويس إلى "محدودية" حركة عمال الإغاثة الإنسانية في غزة؛ فـ"لا يوجد مكان آمن هناك".
معاناة أطفال غزة
ومسلطا الضوء على حجم المعاناة التي يواجهها أطفال غزة في ظل الحرب الإسرائيلية، التي تتواصل منذ أكثر من 10 أشهر، قال عويس إن الأطفال هناك "لا يعيشون طفولتهم".
وأضاف أن "الأمراض الجلدية والتهابات الجهاز التنفسي والإسهال باتت شائعة بين أطفال غزة".
ولفت إلى أنه "من الصعب جدا على الأطفال العيش في الخيام" في ظل صيف لاهب تصل درجة حرارته إلى 35 درجة مئوية، وتزيد داخل الخيام بما يتراوح بين 5 و10 درجات مئوية.
وتابع محذرا أن "النوم يجافي عيون الكثير من أطفال غزة؛ لأنهم يفكرون في هول ما رأوه ويشعرون بالخوف جراء الحرب".
وأكد المسؤول بـ"اليونيسف" أن "هناك الكثير الذي يتوجب على المجتمع الدولي القيام به من أجل أطفال غزة".
وأردف قائلا: "هذه دعوة للمجتمع الدولي لاتخاذ الإجراءات اللازمة ووضع مصلحة أطفال غزة في المقام الأول؛ إذ حان الوقت لإنهاء هذا العنف والصراع، ومنح الأطفال فرصة".
وتابع محذرا: "إذا استمر الأمر على هذا النحو، أخشى أن مستقبل هؤلاء الأطفال سيكون قاتما للغاية؛ حيث لا يوجد مكان آمن لهم للتعلم أو بناء مستقبلهم أو حتى اللعب".
واختتم تصريحاته مشددا على أن "الوضع الذي يعيشه الأطفال في غزة رهيب ومرعب للغاية"، معتبرا أن "يتوجب علينا أن نعيد لهم المستقبل فهذه هي مسؤوليتنا".
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل بدعم أمريكي حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 132 ألف قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.
وتواصل إسرائيل هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني بغزة.