أدلى أطباء بريطانيون بشهادات مروعة وصادمة عن الأوضاع الصحية الكارثية في مستشفيات قطاع غزة، التي تسبب فيها العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ ثلاثة أشهر ونصف تقريبا.
ويتعمد الجيش الإسرائيلي استهداف المشافي والمؤسسات الصحية منذ بدء عدوانه الوحشي على قطاع غزة، ما أسفر عن انهيار المنظومة الصحية، وخروج عشرات المستشفيات عن الخدمة.
وقال أطباء بريطانيون عملوا في مستشفى "شهداء الأقصى" بقطاع غزة، إنهم شاهدوا هناك أسوأ الإصابات في حياتهم المهنية، واضطروا في كثير من الأحيان إلى علاج الجرحى دون معدات طبية.
وتمكن الأطباء البريطانيون، البروفيسور الدكتور نيك ماينارد، والدكتورة ديبورا هارينغتون، والدكتور جيمس سميث، من العمل في مستشفى شهداء الأقصى بغزة لمدة أسبوعين، من نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي وحتى التاسع من الشهر الجاري، بمبادرة من لجنة الإنقاذ الدولية ومنصة العون الطبي للفلسطينيين.
وقال ماينارد، الذي يعمل جراحا في أكسفورد بإنكلترا، إنهم وصلوا إلى غزة بعد رحلة استغرقت يوما واحدا من العاصمة المصرية القاهرة، وأنه بدأ العمل في 25 من الشهر الماضي.
وعبر ماينارد عن انطباعه الأول عندما دخل غزة قائلًا: "ما رأيته كان أسوأ بكثير مما توقعت. في مستشفى شهداء الأقصى رأيت أفظع الإصابات التي لم أتوقع أن أشاهدها في حياتي المهنية".
وذكر ماينارد أنهم رأوا العديد من الأطفال مصابين بحروق قاتلة وفقدان الأطراف وإصابات مميتة في الصدر والبطن، وقال: "لقد كانت غزّة مثل الجحيم على الأرض"، مشيرا إلى أن "إسرائيل" تستهدف بشكل منهجي سكان غزة ومنشآت نظام الرعاية الصحية في القطاع.
وحول مشاهداته في غزّة قال ماينارد: "كانت الإمكانات في غرف العمليات محدودة في معظم الحالات، مضيفا أنه "في بعض الأحيان لم يكن هناك ماء. كنا ننظف أيدينا باستخدام المواد الكحولية فقط. كنا نفتقر في الغالب إلى المعدات والملابس".
وأشار إلى أنه في بعض الأيام، لم يكن لدينا مسكنات للألم لاستخدامها في علاج الأطفال المصابين بحروق خطيرة أو فقدان الأطراف.
من جهتها، علقت طبيبة التوليد ديبورا هارينغتون على الوضع في المستشفى بالقول: "لا أستطيع أن أشرح كم كان الأمر مخيفًا. هناك أشخاص بحاجة إلى الرعاية ليس فقط في مبنى المستشفى ولكن حوله أيضًا".
وذكرت هارينغتون أنه تم نصب الخيام في محيط المستشفى الذي كان مكتظًا بالأطفال الجرحى، وهو ما ترك أثرًا عميقًا في نفسها.
وقالت: "كان عدد كبير جداً من الأطفال يصلون وهم مصابون بحروق خطيرة، وبتر في الأطراف، وإصابات مروعة، وكانت معدات المستشفيات غير كافية لمثل هذا العدد الكبير".
وشددت هارينغتون على أن الحل الوحيد لغزة للخروج من وضعها الحالي هو وقف فوري لإطلاق النار.
"رأيت في غزّة أخطر الحروق"
بدوره، قال طبيب الطوارئ جيمس سميث، الذي عمل في عدة مناطق تشهد صراعات وأزمات، إنه كان واحدًا من فريق أطباء مكون من تسعة أشخاص يعملون في غزة.
ولفت سميث إلى أن قسم الطوارئ، وهو أكثر الأقسام تجهيزًا، كان يواجه صعوبة في الاستجابة لعدد المرضى الذين يتم استقبالهم.
وأشار سميث إلى أن العديد من العاملين في المستشفى، هم من موظفي الرعاية الصحية الفلسطينيين إضافة إلى النازحين من مستشفيات أخرى.
ونوه سميث إلى أن معظم المستلزمات الطبية الأساسية كانت غير متوفرة، وقال: "في أحد الأيام نفد الشاش الذي كنا نستخدمه لتضميد الجروح، وفي اليوم التالي نفد المورفين الذي كنا نستخدمه للأشخاص الذين يعانون من آلام خطيرة. لقد عملت لدى العديد من المنظمات الإنسانية وشاهدت المرضى في العديد من مناطق الصراعات لسنوات، لكن لم يسبق لي أن رأيت إصابات مؤلمة بهذا الحجم والخطورة. لقد كانت تجربة غزّة حقًا أعظم حدث مررت به على الإطلاق".
وختم سميث بالإشارة إلى أنه شهد العديد من الحالات القاتلة، من الحروق التي تدمر الجلد والعضلات إلى العظام، كما أنه وقف شاهدًا على العديد من عمليات البتر المروعة.
وفي حصيلة عير نهائية، ارتفع عدد الشهداء منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي إلى نحو 24,927، والمصابين إلى 62,388، غالبيتهم من النساء والأطفال.
تم تحديث الموضوع في
0 تعليقات