آخر المواضيع

“عمو طلعني”! تفاصيل مؤثرة لإنقاذ طفلة سورية وشقيقها بعد يوم كامل من وفاة أمهما بجوارهما تحت الأنقاض


 استطاع قائد الشرطة المحلية المشرف على عمليات الإنقاذ في سوريا، عمر رحال إنقاذ طفلة سورية وشقيقها من تحت الأنقاض، بعد 22 ساعة من البقاء أسفل ركام منزلهما الذي تهدم جراء الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا، الإثنين 5 فبراير/شباط 2023 وتسبب في مقتل الآلاف، وتشريد عشرات الآلاف من المواطنين وتدمير آلاف المنازل، وذلك وفق تقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير لها، الثلاثاء 14 فبراير/شباط 2023.

حيث سمع عمر رحال صوتاً قادماً من تحت الأنقاض، لكنه كان خافتاً للغاية، لدرجة أنه واجه صعوبة لمعرفة ما إذا كان حقيقياً أم أنها مجرد أصوات في رأسه. ففي الليلة السابقة دمر زلزالان بقوة 7.8 درجة و7.6 درجة قريته حارم، في إدلب السورية التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، وسويت عشرات البنايات بالأرض، بما في ذلك مجمعات سكنية كان يعيش فيها ابن عمه محمود مع زوجته وأطفاله السبعة.

محاولات لإنقاذ طفلة سورية وشقيقها 

بعد ساعات قليلة، هرع رحال، قائد الشرطة المحلية، إلى حطام المنزل أملاً في العثور على محمود وأسرته على قيد الحياة. وطوال الصباح، لم يسمع أية علامات على بقاء أي منهم على قيد الحياة، ولكن في الساعة 12:30 ظهراً التقطت أذناه خمس كلمات بدت كأنها تخرج من فم طفلة صغيرة: "طلعني عمو".

على بعد أمتار قليلة من قمة الحطام الواقع بين الخرسانة، كانت طفلة محمود البالغة من العمر خمس سنوات، جنان، ترقد ومعها أخوها عبد الله البالغ من العمر 9 أشهر، الذي كانت تهدهده تحت الأنقاض. وبجانب الطفلين، كانت أمهما، سعاد، مدفونة مع حطام المنزل. استطاع رحال أن يرى ذراع الأم، التي كانت تعانق بها على ما يبدو طفليها لتحميهما.

حاول رحال تحرير الطفلين، ولكنه أدرك أنه لن يستطيع القيام بالمهمة وحده؛ ولذا صوّر الطفلين العالقين وأرسل اللقطة إلى زملائه الشرطيين، وطلب منهم التدخل. انتقل الفيديو بسرعة من هاتف إلى آخر، وعَبَر الحدود السورية لينتشر على الإنترنت، وتصل نسب المشاهدة إلى حوالي 5 ملايين ساعة مشاهدة على تويتر فقط، ويصير رمزاً للمأساة في إدلب.

الطفلة السورية تصاب في ساقها

قال رحال في حديثه مع صحيفة The Guardian: "وصل رجالي على الفور وساعدوا في إخراج عبد الله الصغير، الذي لم يتأذّ لحسن الحظ إلا بخدوش قليلة وبسيطة. لكن المشكلة كانت في جنان. فقد كانت عالقة بسبب لوح خرساني وقضيب حديد مغروز في ساقها".

تباطأت جهود الإنقاذ في إدلب، التي ظلت منعزلة عن العالم الخارجي بدرجة كبيرة لمدة يومين بعد حدوث الزلزال، وذلك بسبب الافتقار إلى الآلات والمساعدات، مما أجبر الأشخاص على إخراج ذويهم بأيديهم العارية.

قال رحال: "من أجل رفع الكتلة الخرسانية التي كانت تعيق الأمر، استخدمنا الرافعة (الكوريك)، التي تستخدم لرفع السيارات عندما تريد تبديل الإطارات. نجح الأمر. لكن قضيب الحديد كان لا يزال عالقاً في ساق جنان. وكان لا بد من قطعه".

حاول رجال الإنقاذ قطع القضيب باستخدام سلاح صلب سميك بينما كانت جنان تتألم. وتعقدت الأمور بسبب توابع الزلزال التي ضربت القرية مرة أخرى. وبدأت الأجزاء المتبقية من البنايات في الانهيار.

لم تكن رفاهية الوقت متاحة. قال رحال: "لم يكن أمامنا خيار آخر. كنا نخاطر بحياتنا وبخسارة الطفلة أيضاً. ولذلك قررنا أن نفعل ما لم نرغب قط في القيام به، أخرجنا جنان بينما كان القضيب الحديد لا يزال مغروزاً جزئياً في ساقها". وفي حوالي الساعة الثانية صباح الثلاثاء، بعد 22 ساعة تقريباً تحت الأنقاض، حُررت جنان بينما كانت تصرخ.

نقل الطفلة السورية إلى المستشفى للعلاج

بعد أسبوع من إنقاذها، زارت صحيفة The Guardian جنان وأخاها الصغير في المستشفى التي كانت مدرسةً في السابق، حيث كان الأطفال المصابون القادمون من قرية حارم يتلقون العلاج. نام عبد الله في بطانية من الصوف، بينما كانت جنان ترقد بجواره فوق سرير، ولا تزال تتألم.

قال طبيبها وجيه الكرات: "الجرح في ساقها خطير للغاية. قد لا تستطيع جنان أن تمشي مرة أخرى أبداً مثلما كانت تفعل من قبل. لن أكذب عليكم. إذا لم يتحسن الجرح، قد نضطر لبتر ساقها".

بعد نشر الفيديو، أفادت منصات إعلامية بالخطأ بأن والد جنان لا يزال على قيد الحياة. لكن المحزن أن الأمر ليس كذلك. قال رحال باكياً: "جنان وعبد الله هما فقط الباقيان على قيد الحياة من الأسرة". وقد عُهد الطفلان إلى عمهما الأكبر وزوجته، وتعد جنان وأخوها من بين عدد غير معلوم من الأطفال الذين يُتِّموا بسبب الزلزال في إدلب.

قال الكرات بصوت خفيض: "إنها مأساة. تعرف جنان أنها تُركت وحدها مع أخيها. لكن انظر إلى هؤلاء الأطفال هنا، بجوار سرير جنان، إنهم يتامى أيضاً. وأغلبهم لا يزال يتساءل عن مكان أبويه ومتى سيحضرون لمقابلتهم. في البداية، نريد أن نعالجهم جيداً. وبعد ذلك، عند مرحلة ما، سوف نُجبَر على إخبارهم بأنهم، أيضاً، يُتِّموا".

ملاجئ معبأة إلى سوريا وجنوبي تركيا

في سياق متصل، قالت صحيفة الغارديان البريطانية في تقرير نشرته، الثلاثاء 14 فبراير/شباط 2023، إن مؤسسة إيكيا أرسلت 5000 قطعة من الملاجئ المُعبأة تعبئة مسطحة إلى جنوبي تركيا وشمالي سوريا لإيواء الأشخاص الذين شُرِّدوا بسبب الزلزال في وقت تتعهد فيه الشركات حول العالم بتقديم المساعدة.

حيث قالت المؤسسة، التي تعد الذراع الخيرية لشركة الأثاث والمفروشات العالمية، الثلاثاء 14 فبراير/شباط إنها تبرعت بحوالي 10.7 مليون دولار إلى المنظمة غير الحكومية Better Shelter، التي طوَّرت معها ملاجئ قوية حائزة على جائزة وتبلغ مساحة كل واحد منها 17.50 متر مربع وتُعبَّأ في صندوقين، ويمكن تجميعها بدون أية معدات.

قال المدير العام للمؤسسة، بير هيجينيس: "مع تكشُّفِ الأثر المدمر للزلزال، يتضح أن جهودنا الجماعية مطلوبة لدعم العديد من الأطفال والعائلات التي صارت بلا منزل وبلا قدرة على الوصول إلى الضرورات الأساسية للحياة. إن الحاجة إلى ملجأ آمن وكريم في مواجهة درجات الحرارة الباردة والمتجمدة، تعد مُلحَّةً ومتزايدة".

في حين قالت المؤسسة إن أول دفعة من الوحدات التي تسمى وحدات الإغاثة السكنية وصلت إلى محافظة هطاي الجنوبية في تركيا، ونُصبت بعضها ليلاً. وتبرعت المؤسسة في الأسبوع الماضي بحوالي 10.7 مليون دولار لمنظمة أطباء بلا حدود، من أجل مساعدات الرعاية الصحية.

كما قالت عشرات الشركات إنها كانت تتبرع لضحايا الزلزال أيضاً بالمساعدات التي اشتملت على الغذاء والدواء والخدمات والأموال. تضمنت هذه الشركات أمازون وجوجل وميتا وأليانز وشيفرون ويو بي إس وفيديكس وأبل ومرسيدس وبورشه وفولكسفاغن ولوفتهانزا ودويتشه تيليكوم وباير وميرسك سيلاند وإنديتكس.

تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي

إرسال تعليق

0 تعليقات

تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي

أخر المنشورات

أهم الاخبار

تابعونا على موقعنا اخبارنا سوا