تشهد الساحة السياسية العربية في البلاد تحركات حثيثة تقودها ثلاثة أطر، بهدف إعادة تشكيل القائمة المشتركة استعدادًا لانتخابات الكنيست المقبلة. وتقود لجنة الوفاق الوطني أحد أبرز هذه الجهود، عبر لقاءات مع ممثلي الأحزاب الأربعة التي شكّلت المشتركة سابقًا، بهدف تقريب وجهات النظر وبحث سبل إعادة بناء القائمة على أسس تعاون وتنسيق جديدة.
كما تواصل لجنة الوفاق المنبثقة عن اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية، العمل من أجل إعادة تشكيل القائمة المشتركة لتضم كافة الأحزاب العربية في انتخبات الكنيست المقبلة.
وفي الأسبوع الماضي، باشرت الهيئة الشعبية لإقامة القائمة المشتركة، عملها من أجل تحقيق الوحدة بين الأحزاب العربية.
وإلى جانب هذه الأطر، تعمل لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، برئاسة د. جمال زحالقة، على الدفع نحو مشروع سياسي وحدوي يشمل كافة مكونات المجتمع العربي، بينما تبادر جهات مدنية وشخصيات أكاديمية مستقلة إلى خلق حالة ضغط شعبي من أجل تحقيق تمثيل سياسي موحد يعالج قضايا المجتمع ويواجه تصاعد الفاشية في إسرائيل.
وفي التفاصيل، أعلنت لجنة الوفاق الوطني أنها انهت، هذا الأسبوع، سلسلة من الاجتماعات التي عقدتها مع ممثلي المركبات الأربعة التي شكّلت القائمة المشتركة في نسخها الثلاث السابقة، والتي كان للجنة الوفاق الدور الأساسي في تشكيلها.
ووفقا للجنة فإن "اللقاءات هدفت إلى تقريب وجهات النظر، ومحاولة صياغة خطة عمل سياسية طويلة الأمد يمكن أن تقود إلى إعادة بناء القائمة المشتركة، أيًّا كان شكلها، على أسس سليمة من التعاون والتنسيق. كما سعت اللقاءات إلى فتح آفاق جديدة لمشروع سياسي شامل ومتعدّد الأبعاد، من شأنه أن يقدّم إجابات على القضايا الحارقة التي يعاني منها مجتمعنا، مثل تفشّي الجريمة، وأزمة الأرض والمسكن، وسوء التخطيط، وتراجع مستوى المنظومة التعليمية".
وأضافت أن "اللقاءات كانت، على التوالي، مع قادة وممثلين بارزين عن القائمة الموحدة (د. منصور عباس، الشيخ صفوت فريج، والمحامي يحيى دهامشة)، والتجمع الوطني (السيد سامي أبو شحادة، السيد يوسف طاطور، والسيد بكر عواودة)، والجبهة الديمقراطية (السيد عصام مخول، السيد عادل عامر، والسيد أمجد شبيطة)، والحركة العربية للتغيير (د. أحمد الطيبي، السيد يوسف شاهين، والمحامي شادي عباس). وقد حققت اللقاءات تقدماً ملحوظاً في ما يتعلّق بتقريب وجهات النظر وتضييق مساحة الخلافات، حيث أبدى الجميع تقديرهم للدور الذي تقوم به لجنة الوفاق، وأظهروا رغبة صادقة وجدية في تذليل الصعوبات التي تعترض طريق إقامة القائمة المشتركة، واستنفاد كل الجهود في هذا الاتجاه".
وأشارت اللجنة إلى أنه "جاء ذلك من خلال استعراض نقدي، شفاف وصريح لكافة البدائل الأخرى المطروحة، مثل: قائمة تقنية تعددية، أو قائمتين مع اتفاق على فائض الأصوات، وتنسيق إستراتيجي وتفاهمات لمواجهة التحديات التي تعترض مجتمعنا".
وفي هذه المناسبة، أعلنت لجنة الوفاق أنها "ترى في إقامة القائمة المشتركة، وزيادة نسبة المشاركة والتصويت، وبناء مشروع عمل كامل ومتكامل، أهدافًا إستراتيجية يجب على الجميع العمل من أجل تحقيقها، وذلك من خلال تغليب مبدأ الحوار الأخوي المفتوح والشفاف، بعيدًا عن المناكفات والتجاذبات التي لن تجلب لمجتمعنا إلا المزيد من التفتت والانقسام".
وأكدت أنها إذ تهيب بجميع المكونات "إبداء المزيد من المرونة والاستعداد للتنازل في سبيل التعايش تحت سقف واحد، تُؤمن أن بين هذه المكونات قواسم مشتركة أكثر بكثير من نقاط الاختلاف. كما تدرك اللجنة أن التعايش المشترك تحت هذا السقف، رغم الخلافات في وجهات النظر، هو أمر ممكن وقابل للتحقيق، إذا صدقت النوايا وشُحذت الهمم. وستقوم لجنة الوفاق، في الفترة القريبة، بالمبادرة إلى عقد لقاء يجمعها مع قادة المركّبات الأربعة، وذلك بعد جولة من المشاورات التي ستجريها".
وفي الوقت ذاته، دعت اللجنة كافة الهيئات والأطر الساعية لتحقيق هذه الأهداف إلى مساندة جهودها، وممارسة الضغط الشعبي في سبيل إنجاح هذه المساعي.
كما انتهزت لجنة الوفاق هذه المناسبة لتُبارك "انتخاب الدكتور جمال زحالقة رئيسًا للجنة المتابعة العليا، متمنية له النجاح، وأشادت في الوقت ذاته بـ"الدور الذي أدّاه سلفه السيد محمد بركة في قيادة لجنة المتابعة خلال أصعب الظروف والفترات التي مرّ بها شعبنا".
وفي سياق متصل، صرحت لجنة الوفاق المنبثقة عن اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية أنها عقدت اجتماعها، قبل أيام، في مدينة شفاعمرو، وجرى "الاتفاق والتأكيد على ضرورة تكثيف الجهود لإعادة تشكيل القائمة المشتركة وتعزيز نسبة التصويت في المجتمع العربي".
وأكدت اللجنة أنه "لا بديل عن القائمة المشتركة في هذه المرحلة"، ودعت جميع الأطراف إلى "التحلّي بروح المسؤولية، وقراءة الواقع السياسي بدقة، وإدراك حجم التحديات والمخاطر، والعمل المشترك لمواجهة هذه المرحلة الحساسة بما يخدم مصلحة مجتمعنا العربي ويمكّن تمثيله وتأثيره على العمل السياسي في البلاد".
وفي مسعى للضغط من أجل إعادة تشكيل القائمة المشتركة، أعلنت قيادات ورؤساء أحزاب سابقون من مختلف أطياف المجتمع العربي، بينهم النائب السابق واصل طه، والنائب السابق د. حنا سويد، والنائب السايق الشيخ إبراهيم عبد الله صرصور، ورئيس السلطة المحلية في عرابة البطوف أحمد صالح جربوني، عن تأسيس "الهيئة الشعبية لإقامة القائمة المشتركة التعدّدية للأحزاب العربية لخوض انتخابات الكنيست القادمة".
وصرحت الهيئة أنه "في ظل التحديات السياسية القائمة والممارسات العدوانية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة ضد شعبنا في غزة والضفة الغربية والقدس، وفي سياق اعتداءاتها المستمرة علينا كفلسطينيين ومواطنين أصليين في إسرائيل، تتفاقم الأخطار وتتوسع. وتزداد الممارسات التي تشمل هدم البيوت ومصادرة أراضي النقب الأشم، بالإضافة إلى الصمت المريب على تفشي الجريمة المنظمة في مجتمعنا وتخاذل الشرطة عن أداء واجبها. إن هذا كله دليل قاطع على وجود سياسة خبيثة وممنهجة لجعل أهلنا غير آمنين في قراهم ومدنهم وبيوتهم، بهدف دفعهم نحو الهجرة 'الطوعية' للخلاص من هذا الوضع الخطير".
وأضافت أنه "في ضوء الأوضاع التي نمر بها، أصبح حاضرنا ومستقبلنا كجماهير ومواطنين فلسطينيين في إسرائيل على المحك، فإما أن نواجه التحديات بوحدة الموقف والصوت بمسؤولية ناضجة تخدم مصالحنا وتحافظ على وجودنا الآمن في وطننا، أو أن نبقى عرضة لرياح العنصرية والفاشية !!إن واجب الساعة يقتضي منا السعي بكل قوة لإسقاط حكومة نتنياهو - سموتريتش - بن غفير، هذه الحكومة التي تنفذ إبادة جماعية ومجازر بحق شعبنا في غزة والضفة والقدس، وتسمح لعصاباتها بتدنيس مقدساتنا يوميًا في الأقصى والقيامة".
وتوجهت الهيئة إلى الجميع بـ"الضغط معنا على كافة القوى والأحزاب السياسية العربية لخوض الانتخابات القادمة في قائمة مشتركة وواحدة تعددية تضم جميع الأحزاب العربية الفاعلة من خلال تغليب مصلحة شعبنا والتعالي على التباينات والاختلافات الحزبية، والتمسك بالنقاط المشتركة بيننا وهي كثيرة ومحورية".
وأكدت "إن القائمة المشتركة التعددية هي ضرورة إستراتيجية في هذه المرحلة العصيبة وذلك لعدة أسباب:
1 - من أجل رفع نسبة التصويت: مما يضمن إيصال أكبر عدد ممكن من النواب العرب إلى البرلمان (برقم مكون من خانتين)، ليساهموا بفعالية في إسقاط الحكومة اليمينية الفاشية وزمرتها.
2 - هي رسالة وحدة وطنية لشعبنا الفلسطيني الذي يتعرض لأشرس الهجمات عليه منذ النكبة وذلك بضرورة إنهاء خلافاته وانقسامه لمواجهة هذه التحديات التي تستهدف تصفية قضيته السياسية ووصم قيادته بالإرهاب تارة والفساد تارة أخرى.
3 - صدى عالمي: هي رسالة قوية للرأي العام العالمي المتضامن معنا والذي ينتظر منا صوتًا عاليًا مؤثرًا في إسقاط هذه الحكومة لدرء المخاطر والمفاسد عن شعبنا .
4 - استجابة لنبض الشارع حيث تشير آخر الاستطلاعات إلى أن ٪78من جماهيرنا تطالب بإقامة المشتركة التعددية كحلقة دفاعية عن وجوده".
وأشارت الهيئة إلى أنه "هنا لا بد من الضغط على كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والقوى الاجتماعية الأخرى الممثلة لشعبنا من أجل توحيد الصوت في هذه المرحلة التاريخية الفاصلة والمصيرية فعلًا لا قولًا، والتي تضع وجودنا ومستقبلنا على المحك الذي يحتم علينا تجاوز الخلافات والتباينات وتغليب المصلحة الوطنية العليا على كل مصلحة فئوية أو ضيقة، لأن حجم التهديدات المحدقة بنا يتطلب موقفًا موحدًا وقوة برلمانية لا يمكن تجاهلها، محليًا وعالميًا. ولذلك ندعو إلى التشكيل الفوري للقائمة الانتخابية المشتركة التعددية للكنيست القادمة التي ترتكز على مبدأ تضافر الجهود في مواجهة الخطر والتحديات في هذا المنعطف المصيري لنا كمواطنين ولشعبنا الفلسطيني الذي يتعرض للإبادة والتهجير".
وختم البيان بـ"الهيئة الشعبية ترحب وتهيب بأبناء شعبنا للانضمام إليها للضغط على الأحزاب العربية للوصول إلى قائمة مشتركة تعددية. وتشكر كل من يسعى للوصول إلى ذلك".


0 تعليقات