حيفا: محكمة تُلغي أوامر إبعاد متظاهرين ضد الحرب عن ساحة الأسير


 ألغت محكمة الصلح في حيفا، أوامر إبعاد فرضتها شرطة حيفا على متظاهرين ضد الحرب على قطاع غزة، مؤكدة أن القيود المفروضة عليهم لا تستند إلى أي أساس قانوني، وذلك للمرة الثالثة عشرة منذ أيار/ مايو 2023.

وبحسب ما أفاد مركز "عدالة" الحقوقي، مساء الأربعاء، فقد قررت محكمة الصلح في حيفا، ممثلة بالقاضي بوريس شرمان، قبول الاستئناف الذي قدّمه مركز عدالة باسم مجموعة من المتظاهرين ضد الشرطة، وإلغاء جميع الشروط المقيّدة التي فرضتها شرطة حيفا على المعتقلين من المظاهرة، التي جرت في حيفا في 4 أيلول/ سبتمبر في ساحة الأسير في الجادة الألمانية.

وكانت الشرطة قد اعتقلت عشرة ناشطين خلال مظاهرة في ساحة الأسير، حيث جرى قمع الاحتجاج بعنف مفرط، وغير مبرر، أعقبه الإفراج عن المعتقلين بعد ساعات، بشرط إبعادهم عن مكان التظاهر المُعتاد، وبهدف الحد من مشاركتهم في الاحتجاجات المُقبلة.

وأكّد "عدالة" أنه رغم الطابع السلمي للوقفة الاحتجاجية، دفعت الشرطة بقوات معززة إلى المكان، وقامت باعتقال النشطاء الذين رفعوا لافتات تندد بالحرب على قطاع غزة، حملت شعارات، وهتفوا لوقف الحرب، وإنقاذ المدنيين والأطفال من الإبادة الجماعية.

وأضاف المركز أنه خلال الجلسة، أشار الدفاع إلى أن الشرطة تتبع نمطًا متكررًا من الامتناع عن استلام الوثائق القانونية المرسلة إليها، بل إنها لم تحضر جلسات سابقة رغم أن موعدها أُرسل إليها رسميًا من قبل سكرتاريا المحكمة. كما شدد القاضي في قراره على أن "مستوى الشبهات المنسوبة إلى كل واحد من المستأنفين، لا يبرر فرض الشروط المقيّدة التي فُرضت عليهم"، وألغى أوامر الإبعاد كافة.

وذكر "عدالة" أن "شرطة حيفا، تنتهج منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، سياسة شاملة لمنع المظاهرات المناهضة للحرب في غزة"، لافتا إلى أن "جميع الوقفات الاحتجاجية تقريبًا التي نُظّمت في شارع ’بن غوريون’، قد انتهت باعتقالات جماعية تعسفية، من دون تقديم لوائح اتهام أو حتى استكمال التحقيقات".

وأضاف أنه "أُطلق سراح جميع المعتقلين لاحقًا، وفي عدد من الملفات أكدت المحكمة أثناء الإفراج أنه لم يكن هناك أي أساس قانوني للاعتقال أصلًا. كما أحالت بعض القضايا إلى وحدة التحقيق مع عناصر الشرطة (ماحش) في أعقاب شهادات عن عنف الشرطة، والإصابات التي لحقت بالمتظاهرين"، لافتا إلى أن "هذه هي المرة الثالثة عشرة التي تُجبر فيها شرطة حيفا على إلغاء أوامر الإبعاد التي فرضتها على متظاهرين، بعد استئنافات قدّمها مركز عدالة".

وقال المركز الحقوقي إن "غالبية الاعتقالات في حيفا، خلال الأشهر الأخيرة، نُفّذت بذريعة ’الإخلال بالسلامة العامة’، استنادًا إلى البند 216 (أ) من قانون العقوبات الإسرائيلي لعام 1977، الذي ينص على عقوبة سجن تصل إلى ستة أشهر لكل من يتصرف بما يُخلّ بـ’السلامة العامة’؛ ورغم أنّ هذا البند صِيغ أساسًا للتعامل مع حالات شغب استثنائية، إلا أن شرطة حيفا تستخدمه بشكل موسّع وغير قانوني، لتجريم مظاهرات سياسية وآراء معارضة، بل وحتى منشورات على الفضاء الرقمي، دون وجود أي خطر فعلي وحقيقي على ’السلام العام’".

وأفاد عدالة بأنه كان قد "شدّد في توجهاته السابقة إلى الجهات المسؤولة عن إنفاذ القانون على أن هذا الاستخدام للبند، يشكّل أداة إسكات سياسي للفلسطينيين في الداخل، وبالأخص المتظاهرين. هذا النهج يتناقض بشكل صارخ مع المبادئ الدستورية، ومع اجتهادات المحكمة العليا التي قرّرت بوضوح أن تقييد حرية التعبير لا يجوز إلا بوجود ’احتمالية لوقوع خطر حقيقي ووشيك’، قائم على أدلة ملموسة، لا على تقديرات عامة، أو تخمينات".

وأضاف أن "هذا البند لم يُستخدم تاريخيًا في قضايا تتعلق بحرية التعبير، وتعدّ هذه المرة الأولى التي يتم فيها تطبيقه في عهد وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير. ويبدو أن السلطات تلجأ إليه كالتفاف على شرط موافقة المستشار القضائي للحكومة (النائب العام) اللازمة لفتح تحقيق، أو لتقديم لوائح اتهام في قضايا تتعلق بحرية التعبير. ورغم أن النائب العام أبدى تحفظات على هذا الاستخدام، إلا أن ذلك لم يشكّل رادعًا للشرطة من الاستمرار في ممارسته".

وقالت المحامية هديل أبو صالح من مركز عدالة، والتي مثّلت المتظاهرين: "تُظهر القرارات المتكررة للمحاكم أن شرطة حيفا تمارس سياسة منهجية لقمع المظاهرات المناهضة للإبادة، والتي لا تتلاءم مع رؤية الحكومة السياسية، وذلك من خلال اعتقالات تعسفية وفرض أوامر إبعاد غير قانونية. كما تثبت استهتارها بالمحكمة وعدم حضورها المتكرر للجلسات، بأنه لا رقيب ولا حسيب، وبأن كل هذه الاعتقالات وأوامر الإبعاد، ما هي إلا ذات طابع سياسي انتقامي".

وأضافت أنه "يجب أن يتم ردع هذه الممارسات قضائيًا، وبشكل حاد، أكثر من قبل المحاكم، لضمان عدم تكرارها، وعدم المس بالحقوق الدستورية للمتظاهرين"، مشيرة إلى أن "الاعتقالات والقيود المقيدة التي تفرض تباعًا لها، هي انتهاك صارخ لحرية التعبير والحق في الاحتجاج، من خلال استغلال غير مشروع وتعسفي لصلاحيات الشرطة، لأجل ممارسة الإسكات السياسي".

إرسال تعليق

0 تعليقات

تعريف الارتباط

نستخدم ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة.