بعد أكثر من أربع سنوات على أحداث هبّة الكرامة في أيار/ مايو 2021، أصدرت المحكمة المركزية في اللد، اليوم الأحد، أحكامًا بالسجن تتراوح بين 12 و14 عامًا بحق سبعة شبان، ستة منهم من مدينة اللد وواحد من قرية رنتيس قضاء رام الله، وذلك استنادًا إلى لائحة اتهام نسبت إليهم مزاعم بالضلوع في جريمة وصفت بأنها "إعدام ميداني" أفضى إلى مقتل إسرائيلي.
وبحسب ما جاء في جلسة النطق بالحكم، أدين كل من: يوسف القديم (21 عامًا)، وليد القديم (25 عامًا)، كريم بهلول (18 عامًا)، إياد مراحلة (20 عامًا)، خالد حسونة (51 عامًا)، كمال ضيف الله (21 عامًا)، وأحمد دَنّون (25 عامًا)، بـ"إحداث أذى جسيم بقصد مسبق في إطار عمل إرهابي، والتسبب عمدًا بأضرار لمركبة بدافع عنصري، وإلقاء حجر على وسيلة نقل في عمل مصنّف كعمل إرهابي".
وخلال الجلسة، هتف يهود من داخل القاعة قائلين: "غير كافٍ". وجاءت هذه الأحكام في إطار صفقة ادعاء توصّل إليها الشبان مع النيابة الإسرائيلية، أُسقطت بموجبها تهمة القتل العمد التي وُجّهت إليهم في لائحة الاتهام الأولى عام 2021، علما بأن النيابة العامة كانت تطالب بفرض عقوبات على الشبان تتراوح بين 15 وحتى 25 عامًا بالسجن الفعلي.
وقالت القاضية روت لورخ في تبرير الأحكام إن "أفعال المتظاهرين اليهود التي سبقت هذه الأحداث شكّلت الشرارة، وقد نُفذت الأفعال من دون تخطيط مسبق"، مضيفةً أن أيام (ما يسمى) ‘حارس الأسوار‘ (معركة "سيف القدس" التي تخللتها أحداث هبة الكرامة) كانت أيام اضطرابات وإخلال بالنظام وإغلاق طرق، في وقت كانت فيه الدولة بأسرها مشتعلة من الداخل والخارج".
وكانت المحكمة قد اعتبرت في نيسان/ أبريل الماضي أن ما جرى يُصنّف في القانون الإسرائيلي كـ"عمل إرهابي"، وذكرت في قرارها أن "الدافع كان قوميًا – استهداف اليهود لكونهم يهودًا". ومع ذلك، ووفقًا لاتفاق تسوية أُبرم مع النيابة، لم تُوجَّه تهمة القتل للمتهمين. وبحسب ملف الاتهام، فقد أُصيب المواطن الإسرائيلي في رأسه بحجر كبير أثناء الأحداث، وأُعلن لاحقًا عن وفاته.
وفي لائحة الاتهام الأصلية عام 2021، وُجّهت للسبعة تهمة القتل، لكن جرى تعديلها بموجب صفقة ادعاء. وبحسب التعديل، أقرّ المتهمون بارتكاب جميع الأفعال المنسوبة إليهم، باستثناء البند الذي يصف الدافع بـ"الإرهابي والعنصري".
وجاء في تفاصيل اللائحة المعدّلة أن "محمد حسونة انضمّ إلى بقية المتهمين بهدف رشق سيارات يهودية بالحجارة لإلحاق الأذى بها وبمن فيها". وأُشير إلى أن اثنين من المتهمين هما أقارب موسى حسونة الذي استشهد في اللد قبل أيام قليلة على يد إرهابيين يهود.
وأضاف نص اللائحة أن "الحجر الذي أصاب رأس المقتول تسبب له بضرر دماغي بالغ وكسر في الجمجمة. وفي 17 أيار/ مايو أُعلن عن موته دماغيًا، وبعد أن تبرعت عائلته بأعضائه تقرر وفاته في المستشفى".
وادعت أن المتهمين ألقوا الحجارة من مسافة قريبة وبقوة "بعد أن تأكدوا من أنه يهودي"، وأن الهدف كان "إلحاق ضرر بالمركبة والتسبب بعاهة أو إعاقة أو إصابة بالغة لركابها".
كما جاء في لائحة الاتهام أنه "في البداية خفّف القتيل من سرعة سيارته وانحرف يسارًا، ثم توقف واقترب من سيارته شخصان مجهولا الهوية. بعد ذلك انطلق ببطء نحو أرض ترابية وتوقف لدقائق عدة، ثم استجمع قواه وقاد سيارته ببطء حتى وصل إلى منزله، وهناك فقد وعيه ونُقل إلى المستشفى".
كما أشير في ملف الادعاء إلى أنه بعد إدراك المتهمين – باستثناء أحمد دنون وكمال ضيف الله – أنهم أصابوا القتيل ومركبته، "تبادلوا الحديث حول ضرورة إخفاء الكاميرات للتغطية على أفعالهم وتعطيل التحقيق"، حيث قام أحدهم بفصل كاميرات المراقبة في قاعة أفراح مجاورة، وسلم جهاز التسجيل (DVR) لمتهم آخر.
وكانت المحكمة المركزية في اللد قد فرضت، يوم 19 شباط/ فبراير 2025، على المتهمين السبعة دفع تعويض للدولة قدره نحو 4 ملايين شيكل، مقابل تعويضات دفعتها الدولة لعائلة القتيل.
وسبق أن قدّمت النيابة العامة للمحكمة، يوم 24 حزيران/ يونيو 2021، لوائح اتهام ضد السبعة من سكان اللد والضفة الغربية، نسبت إليهم "القتل في ظروف خطيرة"، مرفقة بطلب تمديد اعتقالهم لغاية الانتهاء من الإجراءات القضائية ضدهم.
وفي تصريحات سابقة ، قال طاقم الدفاع عن الشبان إن "الشباب العرب حاولوا حماية أنفسهم من هجمات المتطرفين اليهود الذين حاصروا قاعة الأفراح التي كانوا يعملون فيها، وبعد الهجوم من قبل المتطرفين اليهود الذين كانوا مسلحين، ألقيت حجارة من أشخاص آخرين وليس من قبل الشباب المعتقلين، في ظل الأحداث المتوترة التي شهدتها اللد".
وأوضح المحامي خالد زبارقة إن "خلفية الملف تعود إلى العام 2021 وأحداث هبة الكرامة، حيث قتل في حينه يهودي من سكان المدينة وعلى إثر ذلك يُحاكم الشباب، منذ لحظة اعتقالهم خلال الأحداث ولغاية اليوم". وأشار زبارقة إلى الأجواء التي تمر بها البلاد في ظل التطرف والعنصرية، "تشهد البلاد أجواء متطرفة من عنصرية وتوتر، لذلك اقتنعنا بضرورة الوصول إلى صفقة ادعاء مع النيابة العامة وإسقاط تهمة القتل العمد في الملف".
0 تعليقات