قررت لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين إلغاء مسيرة العودة لهذا العام إلى قرية كفر سبت المهجرة في قضاء طبرية، بسبب ضغوطات الشرطة الإسرائيلية وفرضها مطالب تعجيزية أمام اللجنة.
وقال عضو جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين، أدهم جبارين، لـ"عرب 48" إن "العشرات من المتطوعين عملوا ليلا ونهارا في سبيل إنجاح المسيرة على أرض قرية كفر سبت المهجرة إلا أن جهود استصدار ترخيص لتنظيم المسيرة باءت بالفشل إثر ضغوطات الشرطة ومطالبها التعجيزية".
وكانت جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين قد أعلنت، قبل نحو أسبوعين، بالتعاون مع لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، عن "انطلاق التحضيرات الرسمية لمسيرة العودة الـ28 التي ستقام هذا العام على أراضي قرية كفر سَبْت المهجرة قضاء طبرية".
وأكد جبارين أن "الشرطة مارست الضغوطات، وفرضت شروطا تعجيزية، الأمر الذي جعلنا نحاول تغيير مكان المسيرة ونقلها إلى قرية هوشة والكساير المهجرتين، لكن الشرطة رفضت أيضا منح ترخيص للمسيرة، ولم يبق لنا أية خيار سوى إلغاء المسيرة".
وجاء قرار إلغاء المسيرة بعد 28 عاما من تنظيمها سنويا بالتزامن مع احتفال إسرائيل بيوم استقلالها، وباتت المسيرة تقليديا سنويا هاما للعرب الفلسطينيين في أراضي 48.
وقف التحضيرات لمسيرة العودة وتنظيم فعاليات بديلة
صرحت جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين في بيان أصدرته، بعد ظهر اليوم الاثنين، إنه "بكل المحبة والاحترام، نتوجه إليكم بهذا البيان الصادق لنبلغكم بالقرار الصعب الذي اتخذته جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين، بوقف التحضيرات وإلغاء مسيرة العودة السنوية لهذا العام، التي كان من المزمع تنظيمها إلى أراضي قرية كفر سبت المهجرة".
وأضافت الجمعية أنه "على مدى أكثر من عقدين من الزمن، نظّمت الجمعية مسيرات العودة بمشاركة عشرات الآلاف من بنات وأبناء شعبنا، تعبيرًا عن تمسكنا الراسخ بحقنا المقدس في العودة ورفضنا لكل البدائل. وكما في كل عام، باشرت الجمعية منذ أكثر من شهرين في التحضيرات اللازمة لإحياء المسيرة في قرية كفر سبت، إحياءً لذاكرة هذه القرية وذكرى أكثر من 500 قرية وعشر مدن ومئات العشائر والتجمعات التي تم تهجيرها قسراً وظلماً عام 1948.".
وأكدت أنه "رغم تقديمنا الطلبات الرسمية وسعينا الجاد لاستيفاء جميع شروط الشرطة، واجهتنا عراقيل ممنهجة وشروط تعجيزية غير مسبوقة، من بينها حظر رفع العلم الفلسطيني وتحديد عدد المشاركين بالمئات، إضافة إلى تهديد الشرطة بالدخول إلى مسار المسيرة والمهرجان الختامي لفرضها خلال الحدث. هذا، إلى جانب حملة تحريضية عنصرية وصلت إلى وزير 'الأمن القومي' بن غفير نفسه، في سياق أوسع من التحريض المتزامن مع العدوان الهمجي على أهلنا في غزة، ومع صراعات داخلية بين نتنياهو وأقطاب اليمين الإسرائيلي ومؤسسته الأمنية والقضائية".
وأشارت الجمعية إلى أن "كل ذلك عزز تقديراتنا بوجود مخطط مبيّت للمساس بالمشاركين، ما دفعنا إلى مناقشات مستفيضة مع لجنة المتابعة العليا ومرجعيات قانونية، أدت إلى قرار جماعي بالإجماع في جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين بتعليق المسيرة هذا العام، حفاظًا على أمن وسلامة أبناء شعبنا الذين لبوا نداء العودة عامًا بعد عام بروح وطنية لا تلين".
كما قالت إن "الشروط المفروضة تكشف بوضوح نية السلطة قمع حقنا المشروع بالاحتجاج والتعبير الحر، وتندرج ضمن سياسة أوسع لقمع الحراك الشعبي والتظاهرات في مجتمعنا العربي منذ بداية الحرب".
فعاليات بديلة يوم الخميس المقبل
ولفتت جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين إلى أنه "رغم تعليق المسيرة التقليدية، نؤكد لجماهير شعبنا أن ذكرى النكبة ومسيرتنا الوطنية مستمرة، ولن نتراجع عن حقنا في العودة. وعليه، تدعو الجمعية جماهير شعبنا للمشاركة في الفعاليات البديلة يوم الخميس الموافق 1.5.2025، التي تنظمها اللجان المحلية، وعلى رأسها الجولات الصباحية إلى القرى المهجرة ونشاطات أخرى ستُعلن تفاصيلها لاحقًا. ندعوكم جميعًا لمتابعة الفعاليات القادمة والمشاركة الفاعلة لإنجاح هذه الفعاليات الوطنية. لا عودة عن حق العودة".
التجمّع: إلغاء مسيرة العودة سابقة خطيرة… لن يطمسوا ذاكرتنا وهويتنا
أصدر التجمّع الوطني الديمقراطي بيانًا، ظهر اليوم الاثنين، عقب "القرار الجائر بإلغاء مسيرة العودة التي كانت مقررة إلى قرية كفر سبت المهجرة يوم الخميس 1.5.2025، حيث شكّلت مسيرة العودة على مدار سنوات طويلة واحدة من أهم النشاطات السياسية والوطنية في إحياء ذكرى النكبة تحت شعار “يوم استقلالهم يوم نكبتنا”، وأسهمت في ترسيخ الوعي والذاكرة الجماعية لدى أبناء وبنات مجتمعنا الفلسطيني في الداخل بشكل خاص. من خلال هذه المسيرة نحيي ذكرى نكبتنا، ونؤكد أن الذاكرة الجماعية الفلسطينية حيّة نابضة، وأن روايتنا التاريخية أقوى من كل محاولات الطمس والتشويه".
وأدان التجمع "القرار الذي اتخذته شرطة إسرائيل ووزيرها بن غفير، والذي يقضي بمنع تنظيم مسيرة العودة إلى أراضي قرية كفر سبت المهجرة"، معتبرًا أن "هذا القرار يكشف عن خوف المؤسسة الإسرائيلية العميق من وعي شعبنا الفلسطيني، ومن تمسكه بانتمائه الوطني، وارتباطه التاريخي العميق بأرضه، وحقه الراسخ في العودة".
وأضاف "إن قرار المنع، بكل الشروط التعجيزية التي رافقته، ومنع رفع العلم الفلسطيني، والتهديدات المباشرة بحق المشاركين، هو جزء من سياسة قمعية أوسع تهدف إلى تكميم أفواه أبناء شعبنا، وقمع حرية التعبير والعمل السياسي الوطني، وتؤكد الخوف والأزمة النفسية العميقة التي يعيش فيها المجتمع الإسرائيلي وقيادته السياسية التي تريد أن تمنعنا من أن نعبر عن انتمائنا وهويتنا".
وأكد التجمّع أن "هذه السياسات لا ترهبنا ولن تثنينا عن إحياء ذكرى نكبتنا، بل تزيدنا تصميمًا على التمسك بحقوقنا الوطنية، وعلى رأسها حق العودة".
وشدد على أن "حق العودة لا يسقط بالتقادم، وهو حق فردي وجماعي مقدس، وسيظل حجر الأساس في نضالنا الوطني حتى تحقيقه الكامل".
ودعا التجمّع "جماهير شعبنا إلى أوسع مشاركة شعبية في الفعاليات البديلة التي دعت إليها جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين واللجان المحلية، وعلى رأسها الجولات إلى القرى المهجرة بمرافقة الأبناء والأحفاد، تأكيدًا على تمسكنا بأرضنا، وتجديدًا للعهد على مواصلة النضال من أجل العودة والحرية والكرامة".
كفر سبت في سطور
وتقع قرية كفر سبت المهجّرة في الجنوب الغربي من طبرية، وعلى مسافة 10,5 كلم منها. وهي أرض شبه مستوية ترتفع 225 مترًا عن سطح البحر. في جنوبها تقع قرية كفر كما، وفي شمالها قرية لوبيا المهجّرة. وهي قريبة من قرون حطين حيث جرت المعركة الفاصلة بين صلاح الدين الأيوبي والصليبيين.