نعى حزب الله رسميًا رئيس مجلسه التنفيذي، هاشم صفي الدين، الذي استشهد في غارة إسرائيلية قبل نحو ثلاثة أسابيع على الضاحية الجنوبية لبيروت، وذلك في بيان صدر عن الحزب اليوم، الأربعاء؛ ووصف حزب الله صفي الدين بأنه "قائد كبير ومجاهد قدّم حياته لخدمة المقاومة"، مؤكدًا التزامه بـ"مواصلة طريق المقاومة حتى تحقيق أهدافها".
وجاء ذلك بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي، في بيان صدر عن الناطق باسمه للإعلام العربي، مساء أمس، الثلاثاء، نجاح محاولة اغتيال صفي الدين، في هجمات شنها على الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت قبل عدة أسابيع، بالتزامن مع تقارير حول انتشال تمكن فرق الإنقاذ من انتشال جثمانه بالأمس.
وجاء في البيان أن حزب الله "ينعى إلى أمة الشهداء والمجاهدين، أمة المقاومة والانتصار، قائدًا كبيرًا وشهيدًا عظيمًا، رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، سماحة العلامة السيد هاشم صفي الدين، الذي ارتحل إلى ربه في غارة صهيونية إجرامية عدوانية".
وبيّن البيان أن صفي الدين "قدّم حياته لخدمة حزب الله والمقاومة الإسلامية"، حيث أدار "المجلس التنفيذي ومؤسساته المختلفة ووحداته العاملة في مختلف المجالات، وكان قريبًا من مجاهدي المقاومة ومحبي عوائل الشهداء، حتى حباه الله بالكرامة شهيدًا".
وأضاف الحزب أن صفي الدين "التحق بأخيه شهيدنا الأسمى والأغلى سماحة الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، وكان بمثابة الأخ والعضد والحامل لرايته، وكان مصدر ثقته ومعتمده في الشدائد". وختم الحزب بيانه بالتعازي لـ"القيادة الدينية والمجاهدين"، متعهدًا "بمواصلة طريق المقاومة والجهاد حتى تحقيق أهدافها في الحرية والانتصار".
وأصدرت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بيانًا نعت فيه صفي الدين؛ وأشادت كتائب القسام بدور صفي الدين في دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته، مشيرة إلى "إسهاماته الكبيرة في تعزيز جبهة المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي على مدار سنوات طويلة".
وكانت التقارير قد أشارت في الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري إن الاتصال "مقطوع" مع صفي الدين منذ سلسلة غارات شنتها إسرائيل على ضاحية بيروت الجنوبية في اليوم السابق، فيما أكدت مصادر لبنانية أن رجال الإنقاذ لم يتمكنوا لساعات طويلة من تمشيط موقع الضربة التي يُشتبه في أنها أدت إلى استشهاد صفي الدين.
وواصلت المسيرات الإسرائيلية قصف فرق الإنقاذ لمنعها من الوصول إلى المنطقة المستهدفة حتى مساء اليوم التالي للهجوم؛ وكانت التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن صفي الدين أصيب بالهجوم، وأن من كان في الموقع المستهدف وأصيب "لم يكن ليخرج منه حيًا"، بحسب ما نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مسؤول في الأجهزة الأمنية.
وتردد مؤخرًا اسم صفي الدين، وهو من مواليد 1964، كخليفة محتمل للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي اغتالته إسرائيل في 27 أيلول/ سبتمبر الماضي، بسبب علاقته الوثيقة مع إيران الداعمة لحزب الله، وقربه على الصعيدين الشخصي والحزبي من نصر الله الذي تربطه به علاقة قربى.
وأكمل صفي الدين دراساته الدينية في قم في إيران، وابنه متزوج من زينب سليماني، ابنة قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، الذي قتل بضربة أميركية في بغداد في العام 2020. ويتولى شقيقه عبد الله، مسؤولية مكتب حزب الله في الجمهورية الإسلامية.
وكان هاشم صفي الدين يخضع لعقوبات فرضتها وزارة الخزانة الأميركية منذ العام 2017، على غرار قياديين كثر من الحزب مدرجين على لائحة "الإرهاب". وهو مدرج كذلك على اللائحة السعودية "للإرهاب".
وصفي الدين من مؤسسي حزب الله في العام 1982، وكان يرأس المجلس التنفيذي للحزب منذ 1994. وفيما كان اهتمام نصرالله ينصب على الجانبين السياسي والعسكري في الحزب، انكب صفي الدين على الاهتمام أكثر بمؤسسات الحزب وماليته، وفق خبراء.
من هو هاشم صفي الدين؟
وبعد تمكن إسرائيل من اغتيال أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله بغارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية في 27 سبتمبر/ أيلول الماضي، تصاعدت التكهنات بأن صفي الدين هو المرشح الأبرز لخلافته في قيادة الحزب.
وبصفته رئيسا للمجلس التنفيذي، أشرف صفي الدين على الشؤون السياسية لحزب الله.
وكان يعد الرجل الثاني في حزب الله خلف حسن نصر الله حتى أنه يُوصف في الأوساط الإعلامية منذ سنوات بأنه "ظل" نصرالله.
وصفي الدين من مواليد عام 1964 في بلدة دير قانون النهر بقضاء صور جنوب لبنان.
ولا تتوفر الكثير من المعلومات عن الرجل، لكن من بين المعروف عنه أنه كان جزءًا من هيكل "حزب الله" منذ تأسيس الجماعة عام 1982.
وفي ثمانينيات القرن العشرين سافر صفي الدين إلى مدينة قم في إيران ليلتحق هناك بابن خالته حسن نصر الله، في دراسة العلوم الدينية.
وأُعد صفي الدين لخلافة نصر الله منذ عام 1994، حيث تم استدعاء الرجل من قم إلى بيروت ليتولى رئاسة "حزب الله" في منطقة بيروت عام 1994.
قبل أن يتولى رئاسة "مجلس المقاومة" المسؤول عن النشاط العسكري للحزب عام 1995.
وفي عام 1998، أصبح صفي الدين عضوا في مجلس الشورى، وهو الهيئة التي تتخذ القرارات في الحزب.
وفي العام ذاته، تمت ترقيته سريعا ليترأس المجلس التنفيذي الذي يعتبر حكومة الحزب، خلفا لنصر الله، الذي أصبح أمينا عاما للحزب. وأشرف على عمله آنذاك القائد الأمني السابق للحزب عماد مغنية.
وعلى مدى 3 عقود، أمسك الرجل بكثير من الملفات اليومية الحساسة في الحزب، من إدارة مؤسساته إلى إدارة أمواله واستثماراته في الداخل والخارج، تاركاً الملفات الاستراتيجية بيد نصر الله.
حضور شعبي وسياسي
وعلى غرار نصر الله، الذي يشترك الرجل معه في العديد من الصفات، يتميز صفي الدين بالحضور الشعبي والسياسي، وخطاباته المفوهة والنارية، التي تُغلف في الغالب بنبرة دينية قوية.
ويبرز الرجل في تلك الخطب التزامه بمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية والتأكيد على الرد الحازم تجاهها.
ففي كلمة ألقاها في 13 يوليو/ تموز 2024، قال صفي الدين: "إذا كان تكليفنا، كما هو اليوم، أن نكون في الجنوب نقاتل هذا العدو، ونقدم شهداءنا، فنحن مستعدون للتضحية بكل شيء، وواثقون بأن الله سينصرنا كما نصرنا في 2006".
وفي خطاب آخر في 18 من الشهر ذاته، شدد على أن "لبنان معني بالحرب مع العدو الإسرائيلي دون قيود أو حدود".
كما أكد صفي الدين مرارًا، خلال الفترة الأخيرة، على ما سبق أن أعلنه نصر الله، بأن حزب الله لن يتوقف عن دعم جبهة غزة حتى توقف إسرائيل عدوانها على القطاع.
** علاقات وثيقة بإيران
وتربط صفي الدين علاقات جيدة بطهران، فإضافة إلى قضائه سنوات في دراسة العلوم الدنية بحوزة قم، صاهر الرجل القائد السابق لفيلق القدس الإيراني قاسم سليماني عام 2020. إذ تزوج ابنه رضا آنذاك من زيت ابنة سليماني.
وفي عام 2017، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عن "إدراج صفي الدين على قائمة الارهاب" بدعوى انتمائه إلى "حزب الله".
0 تعليقات