رفَضَ رئيسُ الوزراءِ الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، 2 يوليو/ تموز 2024، ما أوردتْهُ صحيفةٌ أمريكيةٌ بشأنِ إمكانيةِ إنهاءِ تل أبيبَ حربها على قطاعِ غزة معَ وجودِ حركةِ حماسَ في إدارةِ القطاعِ، وشدَّدَ على ضرورةِ تحقيقِ أهدافِ تلكَ الحربِ.
جاء ذلك في مقطعِ فيديو نشرَهُ نتنياهو عبرَ منصةِ "إكس" بعد أن قالتْ صحيفةُ "نيويورك تايمز": "يريدُ كبارُ جنرالاتِ إسرائيلَ بدءَ وقفِ إطلاقِ النارِ في غزةَ حتى لو أدَّى ذلكَ إلى إبقاءِ حماسَ في السلطةِ في الوقتِ الحالي".
وتابعتِ الصحيفة: "نظرًا لعدمِ تجهيزِهم لمزيدٍ من القتالِ بعدَ أطولِ حربٍ خاضتها إسرائيلُ منذُ عقودٍ، يعتقدُ الجنرالاتُ أيضًا أنَّ قواتِهم تحتاجُ إلى وقتٍ للتعافي في حالةِ اندلاعِ حربٍ برية ضدَّ حزبِ الله".
وأردفت: "يمكنُ للهدنةِ مع حماسَ أيضًا أنْ تسهلَ التوصلَ إلى اتفاقٍ مع حزبِ الله، وفقًا للمسؤولينَ الذينَ تحدثَ معظمُهم بشرطِ عدمِ الكشفِ عن هويتهم لمناقشةِ مسائلَ أمنيةٍ حساسةٍ".
وردَّ نتنياهو: "مصادرُ مجهولةٌ تجري إحاطةً لصحيفةِ نيويورك تايمز، يقولون لها إنَّ إسرائيلَ ستكونُ مستعدةً لإنهاءِ الحربِ قبلَ تحقيقِ جميعِ أهدافِها".
وأضاف: "لا أعرِفُ من هي تلكَ الأطرافُ، لكنني هنا لأوضحَ الأمرَ بشكلٍ لا لبسَ فيه: لن يحدثَ ذلك، ولن ننهيَ الحربَ إلا بعدَ أن نحققَ جميعَ أهدافِها، بما في ذلكَ القضاءُ على حماسَ، وإطلاقُ سراحِ جميعِ الرهائنِ".
وأشار إلى أنه "لدى الجيشِ الإسرائيليِّ كلُّ الوسائلِ لتحقيقِ تلكَ الأهدافِ.. نحنُ لا نستسلمُ للأرواحِ الانهزاميةِ، لا في صحيفةِ نيويورك تايمز ولا في أيِّ مكانٍ آخرَ، بلْ نحنُ مشبعونَ بروحِ النصرِ"، وفقَ ادعائه.
من جهتِهِ، قالَ الجيشُ الإسرائيليُّ في منشورٍ على منصةِ "إكس" ردًّا على تقريرِ نيويورك تايمز، إنَّهُ "مصممٌ على مواصلةِ القتالِ لتحقيقِ أهدافِ الحربِ المتمثلةِ في تدميرِ القدراتِ العسكريةِ والحكوميةِ لحركةِ حماسَ، وإعادةِ المختطفينَ، وإعادةِ السكانِ في الشمالِ والجنوبِ إلى منازلهم بأمانٍ".
وأضاف: "حتى الآنَ، تمَّ تحقيقُ إنجازاتٍ مهمةٍ في القتالِ في غزةَ، وسيواصلُ الجيشُ الإسرائيليُّ قتالَ حماسَ في كلِّ مكانٍ في قطاعِ غزة، إلى جانبِ مواصلةِ تعزيزِ الاستعدادِ للحربِ في الشمالِ والجهودِ الدفاعيةِ على جميعِ الحدودِ".
المرحلة الثالثة
وفي وقتٍ سابقٍ الثلاثاء، نقلتِ صحيفةُ "هآرتس" العبريةُ عن المحللِ العسكريِّ الإسرائيليِّ عاموس هارئيل قولَهُ، إن "الجيشَ الإسرائيليَّ ينوي إنهاءَ القتالِ في غزةَ، دونَ التوصلِ إلى صفقةِ رهائنَ (تبادلِ أسرى معَ الفصائلِ الفلسطينيةِ في غزةَ)".
وتساءلَ عن "كيفيةِ إقناعِ الجمهورِ بأنَّ الحكومةَ والجيشَ حقَّقا جزءًا كبيرًا من أهدافِ الحربِ، رغمَ أنَّ حماسَ لم تُهزمْ بشكلٍ كاملٍ، و120 رهينةً لم يعودوا إلى ديارهم".
كما قالت هيئةُ البثِ العبريةِ الرسميةِ، الثلاثاء، إنَّ "المستوى السياسي سمحَ للجيشِ بأنْ ينتقلَ بصورةٍ تدريجيةٍ إلى المرحلةِ الثالثةِ في القتالِ في قطاعِ غزةَ خلالَ الشهرِ الحالي".
وتعني المرحلةُ الثالثةُ، وفقًا لتصريحاتٍ سابقةٍ لمسؤولينَ إسرائيليين، الانتقالَ من القصفِ المكثفِ (العشوائيِّ) إلى القصفِ المستهدفِ، فيما تتضمنُ المرحلةُ الحاليةُ معاركَ بريةً بدأت في 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقبلَ أسبوعٍ، قالت إذاعةُ الجيشِ الإسرائيليِّ إنَّ الأخير "سيتحوَّلُ بشكلٍ كاملٍ إلى الغاراتِ في القطاعِ بكامله، وتقدِّرُ المؤسسةُ الأمنيةُ أنه حتى في المرحلة الثالثةِ (من الحربِ)، سيُطلبُ منَّا تركُ فرقتينِ في غزة لمواصلةِ تنفيذِ الغاراتِ المتكررةِ".
وخلفتْ حربُ إسرائيلَ على غزةَ بدعمٍ أمريكيٍّ منذُ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 نحوَ 125 ألف قتيلٍ وجريحٍ فلسطينيينَ، معظمُهم أطفالٌ ونساءٌ، وما يزيدُ عن 10 آلاف مفقودٍ وسطَ دمارٍ هائلٍ ومجاعةٍ أودتْ بحياةِ عشراتِ الأطفالِ.
وتواصلُ تل أبيبَ هذهِ الحربَ متجاهلةً قراري مجلسِ الأمنِ الدوليٍّ بوقفِها فورًا، وأوامرَ محكمةِ العدلِ الدوليةِ بإنهاءِ اجتياحِ رفحَ (جنوبَ)، واتخاذِ تدابيرَ لمنعِ وقوعِ أعمالِ إبادةٍ جماعيةٍ، وتحسينِ الوضعِ الإنسانيِّ المزري بغزةَ.
كما تتحدى إسرائيلُ طلبَ مدعي عامِّ المحكمةِ الجنائيةِ الدوليةِ كريم خانِ إصدارَ مذكراتِ اعتقالٍ بحقِّ رئيسِ وزرائها بنيامين نتنياهو، ووزيرِ حربها يوآف غالانت، لمسؤوليتهمَا عن "جرائمِ حربٍ" و"جرائمٍ ضدَّ الإنسانيةِ" في غزةَ.
كبار جنرالات الجيش الإسرائيلي يؤيدون وقفَ الحرب بغزة حتى ولو بقيت حماس.. نيويورك تايمز: موقفهم يوسِّعُ الخلاف مع نتنياهو
كشف تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، الثلاثاء 2 يوليو/تموز 2024، أن كبار جنرالات الجيش الإسرائيلي يؤيدون البدء بوقف إطلاق النار في غزة حتى لو أدى ذلك إلى بقاء حماس في السلطة في الوقت الراهن.
وقال تقرير الصحيفة الأمريكية إن موقف الجنرالات يوسّع الخلاف بين الجيش ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يعارض التوصل إلى هدنة.
ويعتقد جنرالات الجيش الإسرائيلي أن الهدنة ستكون أفضل وسيلة لإطلاق سراح نحو 120 إسرائيلياً ما زالوا محتجزين في غزة، وذلك وفقاً لمقابلات أجريت مع 6 مسؤولين أمنيين حاليين وسابقين.
ويعتقد الجنرالات أيضاً أن قواتهم، التي تعاني من نقص المعدات اللازمة لمواصلة القتال بعد أطول حرب خاضتها إسرائيل منذ عقود، تحتاج إلى وقت للتعافي قبل أن تندلع حرب أخرى ضد حزب الله في الشمال، وفقاً لمسؤولين عدة.
ووفقاً للمسؤولين، الذين تحدث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة مسائل أمنية حساسة، فإن الهدنة مع حماس قد تسهّل أيضاً التوصل إلى اتفاق مع حزب الله، الذي ربط بين مواصلة استهدافه المناطق الشمالية في إسرائيل وبين وقف القتال في غزة.
دعم صفقة الرهائن
وقالت نيويورك تايمز إن تأييد الجيش لوقف إطلاق النار يعكس تحولاً كبيراً في موقفه على مدى الأشهر الماضية، في ظل موقف نتنياهو الرافض للكشف عن خطته لليوم التالي للحرب.
وقال إيال هولاتا، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي الإسرائيلي حتى أوائل العام الماضي، والذي يتحدث بانتظام مع كبار المسؤولين العسكريين، إن "الجيش يدعم بشكل كامل صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار".
وأضاف هولاتا: "إنهم يعتقدون أنهم قادرون على العودة والاشتباك عسكرياً مع حماس في المستقبل. ويدركون أن وقف القتال في غزة يجعل التهدئة أكثر احتمالاً في لبنان".
ومن غير الواضح كيف عبّرت القيادة العسكرية بشكل مباشر عن آرائها لنتنياهو بشكل خاص، ولكن كانت هناك إشارات سابقة عن إحباطها في العلن، فضلاً عن إحباط رئيس الوزراء من الجنرالات.
وقد تصاعدت الخلافات بين نتنياهو والجيش الإسرائيلي في أعقاب التصريحات التي أدلى بها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري واعترف فيها بأن هدف إنهاء حركة حماس غير ممكن، معتبراً أن تصريحات القيادة السياسية في تل أبيب عن تدمير حركة حماس ليست إلا محاولة لـ"ذر الرماد في عيون الإسرائيليين"، على حد قوله.
ورداً على تصريحات هاغاري، قال نتنياهو في بيان صدر عن مكتبه إن "تدمير حماس أحد أهداف الحرب، والجيش الإسرائيلي ملتزم بذلك".
ويبدو أن نتنياهو يشعر بالقلق إزاء أي هدنة تبقي حماس في السلطة، لأن هذه النتيجة قد تؤدي إلى انهيار ائتلافه، حيث قال أعضاء من الائتلاف إنهم سينسحبون من التحالف إذا انتهت الحرب دون هزيمة لحماس.
أهداف غير متوافقة للحرب
وحتى وقت قريب، كان الجيش الإسرائيلي يزعم علناً أنه من الممكن تحقيق هدفي الحرب الرئيسيين في وقت واحد: هزيمة حماس وإنقاذ الرهائن. والآن، خلصت القيادة العليا للجيش إلى أن الهدفين غير متوافقين.
وبعد مرور ما يقرب من 9 أشهر على الحرب، بات الجيش الإسرائيلي يعاني من نقص في قطع الغيار والذخائر وحتى القوات، بحسب مسؤولين.
ووفقاً لأربعة مسؤولين عسكريين، فإن عدد جنود الاحتياط الذين يتوجهون إلى الخدمة أصبح أقل. كما يشعر الضباط بعدم الثقة في قادتهم على نحو متزايد، وسط أزمة ثقة في القيادة العسكرية ناجمة جزئياً عن فشلها في منع الهجوم الذي قادته حماس في أكتوبر/تشرين الأول، وفقاً لخمسة ضباط.
وكانت تقارير أشارت إلى أن الجيش الإسرائيلي يسعى لإنشاء فرقة قتالية جديدة من المجندين والمجندات الذين بلغوا حد الإعفاء، في ظل النقص الذي يعاني منه الجيش بهدف القيام بمهام مختلفة.