آخر المواضيع

بعد إعلانه رفح خطاً أحمر.. هل يقيد بايدن تصدير الأسلحة لإسرائيل أم يكرر ما فعله أوباما مع بشار؟


 لأول مرة رُسم خط أحمر أمريكي أمام إسرائيل، وأُعلن عن هذا الخط من قبل الرئيس جو بايدن وكان متعلقاً بهجوم رفح خوفاً من وقوع مذبحة جديدة، فهل يعني أننا قد نشهد لأول مرة احتمال فرض حظر لتصدير الأسلحة لإسرائيل أو على الأقل فرض بعض الشروط عليها؟ أم يكرر بايدن ما فعله الرئيس السابق باراك أوباما مع بشار الأسد؟


وتحوّل الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى ناقدٍ صريح لقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للحرب الإسرائيلية في غزة، حسب ما ورد في تقرير لصحيفة Washington Post الأمريكية.

بايدن يشهر خطاً أحمر في وجه نتنياهو
وقال بايدن عن نتنياهو خلال مقابلةٍ مع شبكة MSNBC الأمريكية: "يجب عليه أن يُولي اهتماماً أكبر للأرواح البريئة التي تُزهق نتيجةً للتحركات الجارية"، كما حذر من أن أي هجوم على رفح سيكون بمثابة "خطٍ أحمر".

وتُعد هذه التصريحات من أحدث المؤشرات على خلاف إدارة بايدن مع حكومة نتنياهو حيال الوضع داخل غزة. إذ قال بايدن خلال خطاب حالة الاتحاد يوم الخميس، السابع من مارس/آذار، إن الولايات المتحدة تعمل من أجل التوصل لوقف إطلاق نار يستمر لستة أسابيع على الأقل. كما أعلن أن الولايات المتحدة ستبني ميناءً مؤقتاً في غزة من أجل السماح بدخول المساعدات بحراً.

ويمثل كلا المطلبين انتقاداً صريحاً لسلوك حكومة نتنياهو، في مؤشر على أن بايدن يدرك حجم الغضب تجاهه داخل الحزب الديمقراطي. ويأتي كل ما سبق كأحدث مؤشرات الضغط المفروض من الولايات المتحدة على القيادة الإسرائيلية.

رغم أن الرئيس الأمريكي يمتلك ورقة ضغط قوية فإن نتنياهو يستهزأ بخطه الأحمر
وأثارت تحركات بايدن رد فعل نتنياهو، الذي استغل مقابلةً له يوم الأحد العاشر من مارس/آذار للرد على الزعيم الأمريكي. إذ قال نتنياهو في مقابلة مع شبكة Axel Springer الألمانية: "سنذهب إلى هناك. لن نتركهم. لدي خط أحمر كما تعلمون. أتعرفون ما خطي الأحمر؟ خطي الأحمر هو ألا يتكرر يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وألا يتكرر مطلقاً".

لكن هناك مساحة واحدة لم تستخدم فيها الولايات المتحدة ورقة ضغطها على نتنياهو حتى الآن: المساعدات العسكرية.

إذ ظلت الولايات المتحدة مورداً عسكرياً حيوياً لإسرائيل طوال الحرب في غزة. 

فهو يستطيع أن يأمر نتنياهو بإدخال مزيد من المساعدات

وقال أستاذ التاريخ في جامعة الكويت بدر السيف، لصحيفة Washington Post الأمريكية الأسبوع الماضي، إن الولايات المتحدة لا يجب أن تطلب من إسرائيل السماح بدخول المزيد من المساعدات. بل "يجب أن تأمر" إسرائيل بفعل ذلك، على حد قول السيف، باعتبار أن الولايات المتحدة هي التي "تُموِّل الحرب" بشحنات أسلحتها التي تصل إسرائيل.

وأفاد زميله جون هادسون بأن الولايات المتحدة مرّرت وسلّمت لإسرائيل أكثر من 100 صفقة أسلحة منفصلة سراً منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.


ويأتي هذا الرقم بالإضافة إلى صفقتين معلنتين هما صفقة ذخائر الدبابات التي بلغت قيمتها 106 ملايين دولار، وصفقة مكونات قذائف المدفعية بقيمة 147.5 مليون دولار.

ولطالما تمتعت الولايات المتحدة بعلاقة عسكرية وطيدة مع إسرائيل، التي تلقت مساعدات اقتصادية وعسكرية بنحو 300 مليار دولار إجمالاً منذ تأسيسها، مع حساب معدلات التضخم. وظل حجم المعونة العسكرية الأمريكية يتجاوز الـ3 مليارات دولار سنوياً على الأقل، حتى عندما كان الاقتصاد الإسرائيلي مزدهراً.

هل اقترب بايدن من فرض حظر لتصدير الأسلحة لإسرائيل؟

فهل أوشكنا أن نشهد تغييراً في عصر الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، وهل يمكن أن يجرؤ بايدن على فرض حظر لتصدير الأسلحة لإسرائيل؟

ناقض بايدن نفسه بشأن احتمال فرض حظر لتصدير الأسلحة لإسرائيل، ولو جزئياً، فبعد أن تحدث خلال مقابلته مع MSNBC، عن "الخط الأحمر" الذي وضعه بنفسه فيما يتعلّق برفح. قال بايدن: "لن أترك إسرائيل مطلقاً، فالدفاع عن إسرائيل لا يزال ضرورياً. ولهذا ليس هناك خط أحمر سيشهد قطع جميع الأسلحة عنهم لدرجة ألا يمتلكوا قبةً حديديةً لحمايتهم".

لكن من الصعب على بايدن أن يتجاهل الغضب المتزايد حيال خسائر الأرواح المهولة في غزة. وربما يُشير هذا إلى حدوث تحوِّل دائم في صفوف الديمقراطيين. حيث نشرت Washington Post الشهر الماضي بيانات إحدى استطلاعات الرأي، التي أوضحت أن الديمقراطيين صاروا أكثر انقساماً حول القضية الفلسطينية-الإسرائيلية منذ بدء صراع السابع من أكتوبر/تشرين الأول. علاوةً على أن العديد من المشرعين الأمريكيين طالبوا إدارة بايدن بأن تجعل المساعدات لإسرائيل مشروطةً بأسسٍ إنسانية، أو تقطعها بالكامل.

مجلة أمريكية: بايدن يفكر بالفعل في فرض شروط على تصدير الأسلحة لإسرائيل

يدور سؤال المرحلة حول الكيفية التي سيتفادى بها بايدن الوقوع في الفخ نفسه الذي سقط فيه رئيسه السابق أوباما. حيث أعلن أوباما خطه الأحمر داخل الشرق الأوسط فيما يتعلق برئيس النظام السوري بشار الأسد، لكنه لم يلتزم بإنفاذ ذلك الخط الأحمر، ما أسفر عن تقويض مصداقيته، (وأعقب ذلك تدخل الروس لدعم نظام بشار، ما أدى لهزيمة المعارضة وانتشار التطرف بالبلاد، كما أن النظام كرر استخدام الأسلحة الكيماوية دون اكتراث).

فكيف سيكون رد فعل الولايات المتحدة على تجاوز نتنياهو للخط الأحمر؟ هل سيتوقف بعض الدعم العسكري وأن نرى فرض حظر لتصدير الأسلحة لإسرائيل ولو جزئيا، أم ستواصل الولايات المتحدة دعم إسرائيل كما فعلت داخل المؤسسات متعددة الأطراف؟


وذكرت مجلة Politico الأمريكية، يوم الإثنين 11 مارس/آذار، أن بايدن قد يفكر في فرض شروط على المساعدات العسكرية لإسرائيل إذا مضت قدماً في هجومها الواسع لرفح، وذلك بحسب أربعة مسؤولين أمريكيين مطلعين على تفكير الإدارة. 

وأشار التقرير إلى أن الرئيس الأمريكي لم يتخذ ذلك القرار بعد، لكنه "أمرٌ يدور في خلده بكل تأكيد" على حد قول مسؤول مجهول.

إسرائيل أمامها مهلة 10 أيام لإبلاغ أمريكا بمدى امتثالها للقانون الدولي في الحرب

وتمتلك إسرائيل مهلةً حتى 25 مارس/آذار لتقدم إلى الولايات المتحدة ضمانات مكتوبة تُثبت التزامها بالقانون الدولي عند استخدام الأسلحة الأمريكية، وعدم عرقلتها دخول المساعدات إلى غزة.

ويأتي ذلك بموجب مذكرة الأمن القومي التي وقعها بايدن الشهر الماضي، (والتي نظر إليها بأنها تستهدف إسرائيل حتى لو بشكل رمزي).

وإذا أخفقت إسرائيل في تقديم تلك الضمانات، فتواجه احتمالية حرمانها من أهم أسلحتها. (رغم أن احتمال فرض حظر لتصدير الأسلحة لإسرائيل من قبل بايدن ولو بشكل جزئي مازال ضئيلاً في ضوء تصريحاته المتناقضة).

جيش الاحتلال مهدد بموقف شبيه بما تعاني منه أوكرانيا الآن

"من شبه المستحيل إحصاء تداعيات أي قرار بفرض تعليق أو حظر لتصدير الأسلحة لإسرائيل على جيش الدولة العبرية"، حسب بين سامويلز، مراسل صحيفة Haaretz الإسرائيلية في واشنطن: 

"فلو تم فرض حظر لتصدير الأسلحة لإسرائيل، ولو جزئياً، فسرعان ما ستجد إسرائيل نفسها في الموقف ذاته الذي وجدت أوكرانيا نفسها فيه خلال الأشهر الأخيرة، أي إنها ستكون في حاجة ماسة للذخيرة، ما سيجبرها على إعادة معايرة استراتيجيتها بشكلٍ فوري".

وقد يكون نتنياهو مستعداً لتحدي احتمال فرض حظر لتصدير الأسلحة لإسرائيل عبر المخاطرة بخسارة الديمقراطيين والرهان على الفوز الجمهوري في نوفمبر/تشرين الثاني، ما سيعود بالرئيس السابق دونالد ترامب إلى الرئاسة.

ولكنه قد يكون رهاناً خطيراً حتى في حال فوز ترامب. حيث صرح الرئيس السابق أمام حشدٍ انتخابي في كارولينا الجنوبية الأسبوع الجاري بأنه يعتبر المساعدات العسكرية الأمريكية بمثابة قرض واجب السداد.

حتى لو لم ينفذ بايدن تهديده فلقد تضررت علاقته بنتنياهو بشدة

وعلاوةً على ما سبق، كيف ستتأثر علاقة البلدين -المُختلة بالفعل- في حال تفاقمت الخسائر المدنية داخل غزة لأسباب أخرى بخلاف عملية رفح؟

ويتساءل موقع Daily Beast الأمريكي: كيف سيكون شكل العلاقة بين البلدين؟ هل سيجري اتخاذ خطوات تؤثر مادياً في قدرة إسرائيل على شن حربها أخيراً؟ وما هي التداعيات المحتملة لخطوات كتلك على مستقبل العلاقة الأمريكية الإسرائيلية، وعلى الدعم السياسي لبايدن في الولايات المتحدة، وعلى الدعم السياسي لنتنياهو داخل إسرائيل؟

ويختتم موقع "Daily Beast" تقريره بالقول إن الأمر الوحيد المؤكد هنا هو أن علاقة بايدن بنتنياهو قد تضررت بشدة ولن تعود لسابق عهدها مطلقاً على الأرجح. وهناك أمر وحيدٌ واضح وضروري حتى تحظى حكومة إسرائيل بعلاقة إيجابية طويلة الأجل -أو حتى علاقة بناءة- مع الإدارة الحالية في واشنطن: أن تصبح الحكومة الإسرائيلية خاليةً من نتنياهو أو من أكثر أعضاء حكومته تطرفاً.

تم تحديث الموضوع في

إرسال تعليق

0 تعليقات

تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي

أخر المنشورات

أهم الاخبار

تابعونا على موقعنا اخبارنا سوا