قالت أربعة مصادر إقليمية ومصدران إيرانيان لـ"رويترز"، السبت 20 يناير/كانون الثاني 2024، إن قادة من الحرس الثوري الإيراني وجماعة حزب الله اللبنانية موجودون باليمن للمساعدة في توجيه هجمات الحوثيين على الملاحة بالبحر الأحمر والإشراف عليها.
وذكرت المصادر الإقليمية الأربعة أن إيران، التي سلحت ودربت ومولت الحوثيين، كثفت إمداداتها من الأسلحة للجماعة في أعقاب اندلاع الحرب في غزة بعد أن هاجمت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
إيران تقدم أسلحة للحوثيين
أضافت المصادر أن طهران قدمت طائرات مسيرة متطورة وصواريخ كروز مضادة للسفن وصواريخ باليستية يمكنها إصابة أهدافها بدقة وصواريخ متوسطة المدى للحوثيين الذين بدأوا استهداف السفن التجارية في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.
وقالت جميع المصادر إن قادة ومستشارين من الحرس الثوري الإيراني يقدمون أيضاً دعماً من الخبرة والبيانات والمعلومات الاستخباراتية لتحديد أي من عشرات السفن التي تمر عبر البحر الأحمر يومياً تتجه إلى إسرائيل وتشكل أهدافاً للحوثيين.
أمريكا تتهم إيران بدعم الحوثيين
قالت واشنطن إن إيران تضطلع بدور كبير في التخطيط للعمليات التي تستهدف الملاحة في البحر الأحمر، وإن معلوماتها الاستخباراتية مهمة في تمكين الحوثيين من استهداف السفن.
ورداً على طلب للتعليق على هذه القصة، أشار البيت الأبيض إلى تعليقات علنية سابقة له حول كيفية دعم إيران للحوثيين.
ونفى ناصر كنعاني، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، مراراً، في مؤتمرات صحفية أسبوعية، ضلوع طهران في هجمات الحوثيين بالبحر الأحمر. ولم يرد مكتب العلاقات العامة التابع للحرس الثوري الإيراني على طلب للتعليق.
كما نفى محمد عبد السلام، المتحدث باسم الحوثيين، أي ضلوع لإيران أو حزب الله في المساعدة على توجيه الهجمات بالبحر الأحمر. ولم يرد المتحدث باسم حزب الله على طلب للتعليق.
ويقول الحوثيون، الذين ظهروا في الثمانينيات كجماعة مسلحة تعارض نفوذ السعودية في اليمن، إنهم يدعمون حماس من خلال مهاجمة السفن التجارية إما المرتبطة بإسرائيل وإما المتجهة إلى موانئ إسرائيلية.
وأضرت هجمات الحوثيين بعمليات الشحن الدولية بين آسيا وأوروبا عبر مضيق باب المندب قبالة اليمن. ودفع ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا إلى شن غارات جوية على أهداف للحوثيين في اليمن، ما فتح مسرحاً جديداً للصراع مرتبطاً بالحرب في غزة.
وأثار الصراع في غزة أيضاً اشتباكات بين إسرائيل ومسلحي حزب الله على الحدود اللبنانية، إضافة إلى هجمات شنتها جماعات مرتبطة بإيران على أهداف أمريكية في العراق وسوريا.
"الحرس الثوري" يدعم الحوثيين
قال مصدر إيراني مطلع لـ"رويترز": "الحرس الثوري يساعد الحوثيين في التدريب العسكري (على أسلحة متقدمة)". وأضاف: "مجموعة من المقاتلين الحوثيين كانت في إيران وتم تدريبها في قاعدة للحرس الثوري بوسط إيران للتعرف على التكنولوجيا الجديدة واستخدام الصواريخ".
وأضاف المصدر أن قادة إيرانيين سافروا إلى اليمن أيضاً وأنشأوا مركز قيادة في العاصمة صنعاء لهجمات البحر الأحمر، يديره قائد كبير في الحرس الثوري الإيراني، معني باليمن.
في حين قال محللان إن هجمات البحر الأحمر تتماشى مع استراتيجية إيران الرامية إلى توسيع وتعبئة شبكتها الشيعية الإقليمية من الفصائل المسلحة؛ لإظهار نفوذها وقدرتها على تهديد الأمن البحري في المنطقة وخارجها.
وأضافا أن طهران تريد أن تظهر أن حرب غزة يمكن أن تكبد الغرب خسائر كبيرة جداً إذا استمرت، ويمكن أن تكون لها تداعيات كارثية على المنطقة مع التصعيد.
عشرات السفن تعبر باب المندب يومياً!
قال عبد العزيز الصقر رئيس مركز الخليج للأبحاث، إن الحوثيين لا يتصرفون بشكل مستقل، مستنداً في الاستنتاج إلى تحليل دقيق لقدرات الجماعة التي يقدر عدد مقاتليها بنحو 20 ألفاً.
وأضاف أن الحوثيين من حيث الأفراد والخبرات والإمكانات ليسوا بهذا القدر من التقدم. وأشار إلى أن عشرات السفن تعبر باب المندب يومياً، ولا يملك الحوثيون الوسائل أو الموارد أو المعرفة أو معلومات الأقمار الصناعية اللازمة لتحديد الهدف ومهاجمته.
وقالت أدريان واتسون المتحدثة باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض، إن المعلومات الاستخباراتية التكتيكية المقدمة من إيران أدت دوراً حاسماً في تمكين الحوثيين من استهداف السفن.
ووفقاً لمصدرين كانا سابقاً من قوات الجيش اليمني، فإن هناك وجوداً واضحاً لأعضاء الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في اليمن. وقالا إن هؤلاء مسؤولون عن الإشراف على العمليات العسكرية والتدريب وإعادة تجميع الصواريخ المهربة إلى اليمن على شكل قطع منفصلة.
وقال عبد الغني الإرياني الباحث البارز يمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، وهو مؤسسة فكرية مستقلة، إن من الواضح أن الإيرانيين يساعدون في تحديد الهدف والوجهة، وإن الحوثيين ليست لديهم القدرة على ذلك.
وذكر مصدر إقليمي كبير يتابع إيران تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن "القرار السياسي (يُتخذ) في طهران بينما (تتولى) جماعة حزب الله الإدارة والموقع لدى الحوثيين في اليمن".
استهداف سفن إسرائيل
قال عبد السلام إنّ هدف الجماعة يتمثل في استهداف السفن الإسرائيلية المتجهة إلى إسرائيل دون التسبب في أي خسائر بشرية أو أضرار مادية كبيرة. وأضاف أن الغارات الأمريكية والبريطانية على اليمن لن تجبر الجماعة على التراجع.
وأضاف: "لا ننكر أن لدينا علاقة مع إيران، وأننا استفدنا من التجربة الإيرانية في ما له علاقة بالتصنيع والبنية التحتية العسكرية البحرية والجوية وما غير ذلك… لكن القرار الذي اتخذه اليمن قرار مستقل لا علاقة له بأي طرف آخر".
لكن مسؤولاً أمنياً مقرباً من إيران قال: "الحوثيون لديهم طائرات مسيرة وصواريخ وكل ما يحتاجون إليه في قتالهم إسرائيل، لكنهم كانوا بحاجة إلى التوجيه والمشورة بخصوص طرق الشحن والسفن، لذلك قدمت لهم إيران ذلك".
وعند سؤاله عن نوع المشورة الذي قدمته طهران، قال إنه يشبه الدور الاستشاري الذي تقوم به إيران في سوريا والذي يدور حول التدريب والإشراف على العمليات عند الحاجة. وأضاف: "توجد مجموعة من أعضاء الحرس (الثوري) الإيراني في صنعاء الآن للمساعدة في العمليات".
وأرسلت إيران المئات من أعضاء الحرس الثوري إلى سوريا، إضافة إلى الآلاف من مقاتلي حزب الله؛ للمساعدة في تدريب مقاتلي فصائل شيعية من أفغانستان والعراق وباكستان، وتنظيم صفوفهم لمنع سقوط الرئيس السوري بشار الأسد خلال تمرد قادتْه جماعات سنية في 2011.
واتهمت واشنطن ودول الخليج العربية إيران مراراً بتسليح وتدريب وتمويل جماعة الحوثي التي تنتمي إلى الطائفة الزيدية الشيعية وتتحالف مع طهران ضمن "محور المقاومة" المناهض للغرب وإسرائيل، والذي يضم أيضاً جماعة حزب الله اللبنانية وجماعات في سوريا والعراق.
ورغم أن طهران تنفي أن يكون لها أي دور مباشر في الهجمات التي تقع في البحر الأحمر، أشاد الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بالحوثيين، وقال إنه يأمل أن تستمر هجماتهم "حتى النصر".
الحوثيون ينفون
في المقابل نفى قيادي ضمن تحالف الجماعات المتحالفة مع إيران وجود أي قادة من الحرس الثوري الإيراني أو حزب الله على الأرض في اليمن حالياً.
وقال إن فريقاً من الخبراء العسكريين من إيران وحزب الله توجه إلى اليمن في وقت سابق من الحرب الأهلية؛ لتدريب الحوثيين وتجهيزهم وبناء قدراتهم التصنيعية العسكرية.
وأضاف: "لقد جاؤوا وساعدوا الحوثيين ثم غادروا، تماماً كما فعلوا مع حزب الله وحماس"، مضيفاً أنه لا ينبغي الاستهانة بالقدرات العسكرية للحوثيين.
وذكر أن الحوثيين يعرفون التضاريس والطرق البحرية جيداً، ولديهم بالفعل الأنظمة اللازمة لمهاجمة السفن، ومنها معدات عالية الدقة أرسلتها إليهم إيران.
وخلال سنوات الفوضى التي أعقبت انتفاضة الربيع العربي في اليمن عام 2011، أحكم الحوثيون قبضتهم على شمال البلاد وسيطروا على العاصمة صنعاء في عام 2014، مما دفع تحالفاً تقوده السعودية إلى التدخل عسكرياً بعد ذلك بأشهر.
وقال محللون إنه عندما هاجمت حماس إسرائيل، لم يكن أمام إيران خيار سوى إظهار الدعم للجماعة الفلسطينية بعد الخطاب المناهض لإسرائيل على مدى سنوات، لكنها كانت متخوفة من أن يؤدي إشراك حزب الله في الصراع إلى انتقام هائل من جانب إسرائيل.
وقال الإرياني، الباحث بمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، إن نشوب حرب كبرى بين إسرائيل وحزب الله سيكون كارثياً على لبنان، وسيهدد مستقبل الجماعة التي أصبحت الأهم في "محور المقاومة" الإيراني.وأضاف أن الحوثيين، على النقيض من ذلك، في موقع استراتيجي متميز لإحداث تأثير كبير من خلال تعطيل نشاط الملاحة البحرية العالمية دون بذل مجهود كبير.
تم تحديث الموضوع في
0 تعليقات