آخر المواضيع

"الجنائية الدولية" تلاحق بوتين بمذكرة توقيف "بلا أنياب".. ما السيناريوهات المحتملة؟


 رغم ردود الأفعال الواسعة التي أثارتها مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، غير أن ثمة إجماع على أن هذه مجرد خطوة "رمزية" محفوفة بالكثير من التعقيدات القانونية والمعوقات اللوجستية لن تنتهي، على الأرجح، بمثول بوتين أمام المحكمة المعنية.

بيد أن مذكرة التوقيف التي توصف بأنها "بلا أنياب"، أربكت، مع ذلك، الكرملين الذي سارع، وعلى لسان أكثر من مسؤول، إلى رفض الإجراء، واعتباره "مستفزا".

قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن قرار إصدار مذكرة باعتقال الرئيس بوتين لا أهمية له على الإطلاق.
ودفعت المذكرة ببعض المسؤولين الروس إلى التخلي عن اللغة الدبلوماسية، والسخرية من المذكرة، إذ شبه ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي (رئيس روسيا السابق)، المذكرة بـ"محارم المرحاض"، إذ علق في تغريدة على "تويتر" قائلا: "أين يمكن استخدام هذه الورقة؟"، مرفقا التغريدة بصورة لمحارم المرحاض.

سيناريوهات ما بعد المذكرة

في مثل هذه الحالات، فإن الافتراض الأول هو أن يتم اعتقال بوتين من داخل بلاده، بمساعدة وتعاون من الكرملين، ومؤسسات الدولة الروسية القضائية المعنية، وهذا احتمال مستبعد، إن لم يكن مستحيلا، وفق تقديرات المحللين.

فمن المعروف، أن بوتين يتمتع بسلطة مطلقة في بلاده، ويتحكم في كل مفاصل الدولة، كبيرها وصغيرها، وبالتالي ليس ثمة مؤشرات على أن هناك خطرا عليه طالما بقي في بلاده.

زيارات الرئيس الروسي باتت محدودة للغاية منذ بدء الحرب الأوكرانية، والآن بعد صدور مذكرة التوقيف سيظهر حرصا أكبر في القيام بزيارات خارجية ولن يغامر بالسفر إلى دولة قد يشعر أن لديها دوافع بتسليمه للمحكمة.
وثمة عقبة قانونية إضافية تتعلق بالداخل الروسي، وهي أن موسكو لا تعترف، أصلا، بالمحكمة الجنائية الدولية التي تعترف بها 123 دولة، ليس بينها روسيا.

وهذه الجزئية وردت في تعليقات المسؤولين الروس، إذ قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن قرار إصدار مذكرة باعتقال الرئيس بوتين "لا أهمية له على الإطلاق".

وأضافت زاخاروفا، أن روسيا ليست عضوا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ولا مسؤوليات لديها تجاه المحكمة.

خطورة السفر

وبما أن الرئيس الروسي يتمتع بالحصانة التامة في بلاده، فإن الافتراض الآخر هو الاعتقال عند مغادرة روسيا إلى دولة قد تكون لديها الرغبة في تسليمه للمحكمة الجنائية الدولية.

وهذا الاحتمال كذلك، بعيد المنال، فزيارات الرئيس الروسي باتت محدودة للغاية منذ بدء الحرب الأوكرانية، والآن بعد صدور مذكرة التوقيف سيظهر حرصا أكبر في القيام بزيارات خارجية ولن يغامر بالسفر إلى دولة قد يشعر أن لديها دوافع بتسليمه للمحكمة.

ليس للمحكمة الجنائية الدولية قوة شرطة خاصة بها، قد تتصرف بمفردها لاعتقال مطلوب، لذا فهي تعتمد على الدول للقبض على المشتبه بهم.
لكن ثمة محطة في برنامج الرئيس الروسي قد تكون إشكالية، فمن المقرر أن يحضر بوتين قمة "البريكس" المقرر أن تعقد في جنوب أفريقيا، في شهر أغسطس/ آب القادم.

وعلى اعتبار أن جنوب أفريقيا عضو في المحكمة الجنائية الدولية، فسيكون عليها التزام قانوني بتنفيذ أوامر التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس الروسي.

وتشير التقارير إلى أن هذا الاحتمال أيضا مستبعد، في حال حضر بوتين القمة المنتظرة، ذلك أن لجنوب أفريقيا سوابق بتجاهل قرارات مماثلة، حين رفضت عام 2015 تسليم الرئيس السوداني السابق عمر البشير خلال زيارته لها رغم صدور قرار دولي باعتقاله بتهمة "الإبادة الجماعية".

وبررت جنوب أفريقيا، آنذاك، موقفها بأن الأمر الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية لاعتقال البشير لا يتوافق مع قانون معمول به في جنوب أفريقيا يمنح الحصانة من المحاكمة لزعماء الدول.

ومن الجدير بالذكر، أنه ليس للمحكمة الجنائية الدولية قوة شرطة خاصة بها، قد تتصرف بمفردها لاعتقال مطلوب، لذا فهي تعتمد على الدول للقبض على المشتبه بهم.

ومن الناحية النظرية، يمكن لمجلس الأمن الدولي، أن يطلب من المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في جرائم معينة، لكن هذا البند أيضا لا معنى له عندما يتعلق الأمر بدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن مثل روسيا، فهي ستسارع، في حالة كهذه إلى استخدام حق النقض (الفيتو) لتقويض الطلب.

ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا، سافر بوتين إلى ثماني دول، سبع منها من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، وهي حليفة لموسكو، إضافة إلى إيران التي تبدي، بدورها، دعما لبوتين ولا يمكن لزيارة أخرى لبوتين إلى طهران أن تشكل خطرا عليه.

الثالث بعد البشير والقذافي

وبوتين هو ثالث رئيس في المنصب تستهدفه المحكمة الجنائية الدولية بمذكرة اعتقال بعد الرئيس السوداني السابق عمر البشير والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، كما أنه أول رئيس لدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي يصدر بحقه مذكرة من هذا النوع.

ومن المعروف أن هذه المذكرة وكذلك حزمة العقوبات الغربية الواسعة ضد روسيا تأتي في سياق تكثيف الضغوط على الرئيس الروسي في الملف الأوكراني، ونظرا للتحديات التي تعيق تفعيل المذكرة فليس واردا أن يكون لإجراءات المحكمة الجنائية الدولية أي أثر على الصراع في أوكرانيا، أو تأثير على توقيت انتهاء المعركة الذي لا يبدو قريبا.

وأنشئت المحكمة الجنائية الدولية في عام 2002 للنظر في أسوأ الجرائم المرتكبة في العالم، ولعل المحاكمة الأشهر التي جرت في سياق هذه المحكمة كانت للرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسوفيتش الذي مات إثر أزمة قلبية عام 2006 أثناء احتجازه للمحاكمة في جرائم حرب.


تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي

إرسال تعليق

0 تعليقات

تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي

أخر المنشورات

أهم الاخبار

تابعونا على موقعنا اخبارنا سوا