آخر المواضيع

ماذا يخبرنا زلزال اليابان 2011 حول مستقبل المناطق المنكوبة في سوريا وتركيا؟


 نشرت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية اليوم الجمعة محاكاة لما ينتظر المناطق المنكوبة إثر زلزال الإثنين المدمر في تركيا وسوريا؛ اعتمادا على السيناريو الذي وقع في اليابان قبل نحو 12 عاما.


وضرب زلزال مدمر بلغت قوته 8.9 على مقياس ريختر شمال اليابان وتحديدا منطقة توهوكو في 11 مارس 2011 وأعقبه تسونامي عنيف خلف جبالا من الركام والمعادن الملتوية ونشر الموت على نطاق واسع.

وتساءلت أسوشيتد برس: "ما الذي تبقى بعد كارثة طبيعية قوية لدرجة أنها زلزلت أسس المجتمع؟ ما الذي بقي بعد أكثر من عقد من الزمان؟".

وأضافت الوكالة: "قد تقدم أوجه التشابه بين الكارثة التي تكشفت هذا الأسبوع في تركيا وسوريا والكارثة التي ضربت شمال اليابان في عام 2011 لمحة عما يمكن أن تواجهه المنطقة في السنوات المقبلة".

الدرس الكبير من اليابان هو أن كارثة بهذا الحجم لا تنتهي أبدًا
أسوشيتدبرس
مشاهد لا تنسى




وتستذكر الوكالة مشاهد زلزال توكوهو بالقول: "بعد فترة وجيزة من الزلزال، التقطت الكاميرات على طول الساحل الياباني جدار المياه (تسونامي) الذي ضرب منطقة توهوكو..  كان الزلزال واحدًا من أكبر الزلازل على الإطلاق، وأدى تسونامي إلى جرف السيارات والمنازل والمباني وآلاف الأشخاص، وتسبب في انهيار محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية".

وأضافت: "ألقيت قوارب ضخمة على بعد أميال من المحيط وسط الأنقاض الشاهقة المتداخلة لما كان في السابق مدنًا، وانقلبت السيارات على جوانبها مثل اللعب بين الشوارع المدمرة والمباني المدمرة.. حينها، تساءل الكثيرون عما إذا كانت المنطقة ستعود إلى ما كانت عليه من قبل".

كارثة لا تنتهي




وخلصت أسوشيتدبرس إلى القول: "الدرس الكبير من اليابان هو أن كارثة بهذا الحجم لا تنتهي أبدًا- وهو درس تعرفه تركيا جيدًا من زلزال عام 1999 في شمال غرب البلاد والذي أودى بحياة حوالي 18000 شخص.. على الرغم من الخطب حول إعادة البناء، ترك زلزال توهوكو شرخًا عميقًا في الوعي الوطني والمناظر الطبيعية".

ماذا تخبرنا اليابان؟



وفي استشراف ما سيجري في تركيا وسوريا بناء على ما حصل في اليابان قبل أكثر من عقد قالت: "الوفيات التي تُعزى مباشرة إلى الزلزال في تركيا ستستقر في الأسابيع المقبلة، لكن من غير المرجح أن تكون النهاية".

وأوضحت الوكالة: "آلاف الأشخاص الآخرين الذين ماتوا لاحقًا في اليابان بسبب الأزمات القلبية المرتبطة بالتوتر، أو بسبب الظروف المعيشية السيئة".

لا يزال ما يقرب من 2500 شخص في عداد المفقودين في جميع أنحاء توهوكو، ومازال الناس يبحثون عن رفات أحبائهم.

مأساة المفقودين

وقالت الوكالة: "شهدت اليابان فشلًا آخر، فقد اعترف أحد المسؤولين بعدم القدرة على مساعدة أولئك الذين أصيبوا بصدمات نفسية مما مروا به".

واختتمت بالقول: "لا يزال ما يقرب من 2500 شخص في عداد المفقودين في جميع أنحاء توهوكو، ومازال الناس يبحثون عن رفات أحبائهم.. لا يزال الناس يكتشفون أحيانًا ألبومات صور الضحايا وملابسهم وممتلكاتهم الأخرى".


تداعيات الزلزال بتركيا وسوريا لن تنتهِ مع إكمال جهود الإنقاذ.. خبراء يحذّرون من أزمة صحية "غير مسبوقة"

تتوافد الفرق الطبية الدولية نحو المناطق التي دمرها الزلزال في تركيا وسوريا لتغطية كثافة الإصابات للناجين من تحت الأنقاض، إذ يدور الحديث عن  إصابات مروعة وكسور في العظام والأذرع والسيقان، بالإضافة لجروح شديدة، بحسب صحيفة The Washington Post الأمريكية الجمعة، 10 فبراير/شباط 2023. 

وقال خبراء إن الإصابات التي تم رصدها حتى الآن، ليست سوى البداية للتداعيات الصحية التي يُتوقع أن يواجهها الأطباء والمسعفون الذين يعملون بجد لإنقاذ أكبر عدد ممكن من ضحايا الزلزال، الذي حصد بالفعل أرواح أكثر من 20 ألف شخص. 

خلال الأسابيع المقبلة، وفي الوقت الذي ستنصرف فيه المساعي إلى محاولة استعادة جثامين الضحايا، فإن الناجين من الزلزال ستزداد الحاجة بينهم إلى احتياجات طبية أخرى، مثل أدوية ضغط الدم والسكر والربو، وغيرها من الأدوية التي تُركت تحت الأنقاض. 

قد تضطر النساء الحوامل إلى ولادة أطفالهن في ملاجئ مؤقتة، أو مخيمات للاجئين، ولن يجد مرضى السرطان مكاناً لجلسات العلاج. 

وفي ظل البرودة الشديدة، فإن الناجين سيتعرضون في الملاجئ إلى الإصابات بالانخفاض الحاد في حرارة الجسم والصقيع، ويحتمل أن يزيد انغلاق الملاجئ من انتشار العدوى بفيروس كورونا، وغيره من فيروسات الجهاز التنفسي. 

من المخاطر التي تلوح في الأفق أيضاً، الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا، والتي ظهرت من قبل في المناطق المتضررة بالحرب في شمال غرب سوريا، بسبب تردي جودة المياه وتدهور الصرف الصحي.  

جهود حاسمة لتجنب الأزمة 
وفي سياق الحديث عن المصاعب المتوقعة للطواقم الطبية بالمنطقة، قال توماس كيرش، أستاذ طب الطوارئ في كلية الطب والعلوم الصحية بجامعة جورج واشنطن الأمريكية، "إنه وضع مروع، فأنت عاجز عن فعل ما يلزم، ويتعيَّن عليك أن تتعايش مع طريقة مختلفة لمعالجة الناس، إنه وضع مرهق ذهنياً وأخلاقياً". 

فيما قال بول شبيجل، مدير مركز المساعدات الإنسانية بكلية جونز هوبكنز للصحة العامة، إن الفترة التالية لجهود البحث والإنقاذ ستكون حاسمة، وإن كانت أخف وطأة من سابقتها التي تتضمن المساعي الحثيثة للبحث عن ناجين، و"ربما نستطيع أن ننقذ الكثير من الناس إذا قدمنا المتابعة اللازمة، وتمكنا من مواصلة الرعاية والإمدادات".

تقود الحكومة التركية ومنظمة الصحة العالمية ومجموعات إغاثة أخرى الجهود التنظيمية لإرسال فرق الطوارئ إلى مناطق الزلزال. وفي غضون ذلك، تشتد الحاجة إلى فرق الرعاية الطبية في كل من تركيا وسوريا. 

ودمرت الكارثة كثيراً من المستشفيات والمرافق الطبية، التي لا غنى عنها في علاج الجرحى جراء انهيار المباني، فضلاً عن المصابين بالأمراض الأخرى. 

وقال كيرش، الذي عمل من قبل في مناطق الكوارث، إن تضرر الطرق وانسداد بعضها بسبب الزلزال سيزيد من صعوبة الأمور على المنظمات الطبية، إذ يتعذر "نقل المعدات، وتنسيق الاستجابة بين فرق الرعاية الصحية" في ظل هذه الظروف.


الظروف بسوريا أصعب 

من جانبها، قالت إيمان الشنقيطي، ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، للصحفيين، الأربعاء، 8 فبراير/شباط 2023، إن المخاوف متزايدة بشأن سوريا خصوصاً؛ لأنها كانت تعاني بالفعل من تدمير البنية التحتية لمرافق الرعاية الصحية بعد سنوات من الحرب الأهلية. 

وشدَّدت الشنقيطي على أن "الاحتياجات الصحية هائلة، لا سيما وأن المنظومة الصحية تداعت على مدى السنوات الماضية، ولا تزال تكابد الضغوط بسبب الكوارث وحالات الطوارئ المتعاقبة عليها، وأحدثها ذلك الزلزال". 

قالت منظمة الصحة العالمية إنها سترسل 3 شحنات جوية تحمل إمدادات طبية إلى البلدين، وتشمل المعدات الأساسية للإسعاف ومعالجة الإصابات، من مركز لوجستي في دبي، وقد أفرجت المنظمة عن 3 ملايين دولار لتمويل المساعدات والإمدادات.

وكذلك أعلنت منظمات غير حكومية عن مشاركتها في جهود الإغاثة، فقالت منظمة "أطباء بلا حدود"، الحاضرة بالفعل في مناطق الشمال السوري، إنها ستواصل تقديم الدعم لـ7 من المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية، ووحدة لعلاج الحروق في المنطقة.

وأرسلت منظمة "أمريكاريس" الأمريكية للإغاثة شحنةً من الإمدادات، شملت أدوات النظافة ومستلزمات المحاليل الوريدية وبعض أدوية الأمراض المزمنة. 

وقالت المنظمة إن لديها فريقاً في المناطق المتضررة جنوبي تركيا. وأشارت جولي فاروغيز، كبيرة المسؤولين الطبيين بالمنظمة، إلى أن "المنطقة ستشهد احتياجاً هائلاً إلى أدوية الأمراض المزمنة في الأيام المقبلة".

وكشفت منظمة "بروجِكت هوب" الأمريكية، العاملة في مجال الصحة والمساعدات الإنسانية، أن لديها فريقاً في مدينة غازي عنتاب التركية التي تضررت بشدة من الزلزال. وقال مسؤولون فيها إنها تشارك في تقديم خدمات الرعاية الصحية الطارئة وطويلة الأجل.

وأعرب براناف شيتي، مستشار شؤون المساعدات الإنسانية في المنظمة، عن مخاوفه من أن تشهد الأيام المقبلة طوارئ طبية مماثلة لتلك التي وقعت في هايتي بعد الزلزال المدمر عام 2010. وقال إن الأطباء يتعين عليهم العمل بسرعة لإزالة الأنسجة الميتة من الجروح قبل تفاقمها إلى التهابات خطيرة.

ولفت الأطباء إلى مخاوفهم من تزايد الإصابات بالداء المعروف باسم "متلازمة السحق"، والتي تحدث أثناء سحب الناجين من تحت الأنقاض، وتقع نتيجة لتعرض أطراف الجسم للضغط، وتؤدي إلى تورم العضلات وإفراز السموم من الأنسجة التالفة، وقد تفضي إلى الفشل الكلوي، وهو ما يتطلب جلسات الغسيل الكلوي، التي يصعب توفيرها بعد تدمير المستشفيات.

من جانب آخر، قال كيرش، من جامعة جورج واشنطن، إن الأمراض العادية قد تصبح مشكلة كبيرة بمرور الأشهر، والمساعدة الطبية اليومية لا غنى عنها لتجنب التفاقم في المشكلات الصحية لدى مرضى السكري، والمعرضين للنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

وأشار كيرش إلى أن "تركيا لديها نظام رعاية صحي قوي جداً، لذا فإن تعافيها سيكون أيسر بكثير من البلدان التي تعاني ضعفاً في مواردها الاقتصادية"، ومع ذلك سيتعيَّن على البلدين ضخ الموارد لتعزيز خدمات العلاج والرعاية للصحة العقلية، ليس للناجين فقط، وإنما أيضاً للطواقم الطبية التي يُتوقع أن تشتد وطأة الضغوط عليها خلال تقديم الخدمات للمحتاجين. 


تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي

إرسال تعليق

0 تعليقات

تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي

أخر المنشورات

أهم الاخبار

تابعونا على موقعنا اخبارنا سوا