نشر “منتدى الخليج الدولي” تحليلا للباحثة سناء قوادري بعنوان “فضيحة الساندويتش تنهي عاما آخر من مشاكل التوطين في الإمارات”، قالت فيه إنه في أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي، اندلع غضب بين مستخدمي “تويتر” في الإمارات بسبب حدث جاء في سياق الخطة، التي يشار إليها عادةً باسم “التوطين”، والتي تهدف إلى تعيين مواطنين في الوظائف التي يشغلها حاليا الأجانب.
وكان الحدث هو إعلان عمل يطلب من مواطني الإمارات التقدم لوظائف محضري ساندوتشات في سلسلة محلات “صب واي” الأمريكية للوجبات السريعة، وهي وظيفة شعر العديد من الإماراتيين أنها أقل من تعليمهم أو مؤهلاتهم أو وضعهم الاجتماعي.
وجاء هذا الإعلان، الذي تم التراجع عنه لاحقا، في أعقاب تحذير الحكومة لشركات القطاع الخاص بشأن ضرورة تحقيق هدف التوطين البالغ 2% قبل 1 يناير/كانون الثاني 2023. وتنطبق هذه الحصة على الشركات التي تضم 50 موظفا على الأقل ولا تنطبق إلا على الوظائف ذات المهارات العالية.
ووصل سخط الإماراتيين على ارتفاع البطالة والوظائف منخفضة الأجر إلى مستويات عالية، وغرد مستخدم “تويتر” إماراتي من الشارقة يسمى “A9eelah” بأن هناك ما لا يقل عن 17 ألف مواطن عاطل عن العمل في الشارقة وحدها.
وبحسب الكاتبة، حذرت ميرا الحسين، وهي أكاديمية إماراتية وزميلة غير مقيمة في منتدى الخليج الدولي، من الاعتماد على برامج الرعاية الحكومية بين العديد من مواطني الخليج؛ مما سيؤدي إلى توقف تطورهم المهني.
وأشارت إلى أن برنامج “نافس” حدد هدفا واضحا وهو الوصول إلى 10% من التوطين في القطاع الخاص بحلول عام 2026.
أزمة تمتد لأجيال
وتلفت الكاتبة إلى أن مبادرات التوطين بدأت في دول مجلس التعاون الخليجي قبل فترة طويلة، لكن طبيعة أسواق العمل والاختلالات الديموغرافية الكبيرة وسياسات الهجرة المفتوحة جعلت برامج التوظيف المحلية غير فعالة. ومع ذلك، يصعب رؤية فائض من المواطنين الخريجين، الذين يكافحون من أجل التوظيف في القطاع العام أو الخاص، خاصة بالنسبة لدولة أصغر مثل الإمارات.
تشير إلى أنه في عام 2014، قام الباحث في شؤون الخليج ستيفن هيرتوغ بتحليل تأثير سياسات التوطين في الخليج على مدى عقدين. وافترض أن الثغرات في قوانين العمل وانخفاض أجور العاملين الأجانب هما السبب الرئيسي في عرقلة مشاركة مواطني دول مجلس التعاون في القطاع الخاص.
ورأى هيرتوغ أيضا أن دول الخليج التي تتمتع بثروة نفطية كبيرة وعدد مواطنين أقل، مثل الإمارات، ستواجه تحديات أقل بكثير لدمج مواطنيهم في سوق العمل.
الحلول البراغماتية بعيدة المنال
وتؤكد الكاتبة أن “تويتر” مايزال ميدانا مهما للمواطنين الإماراتيين والعمال الأجانب على حد سواء لمناقشة القضايا الاجتماعية الملحة، لكن الرقابة الذاتية الواسعة لدى مستخدمي الإنترنت في البلاد تجعل وجود نقاش سياسي بنّاء وذي معنى أمرا صعبا.
ومع ذلك، فقد اتضح من مبادرات التوطين – على مدى عدة أجيال في الإمارات – أن السياسات التي تعزز تفرد المواطنين في سوق العمل (وبالتالي تكريس وضعهم كفئة) ستمثل عقبة أمام عملهم على المدى الطويل.
وتشير إلى أنه عندما سأل المضيف في محطة إذاعية محلية في دبي، رجل أعمال ومستشار إماراتي، عما إذا كانت هناك طريقة لحل أزمة البطالة الحالية دون اللجوء إلى حصص في الوظائف والإعانات، قال إن ذلك يعتمد فقط على استعداد القطاع الخاص لتجاوز تصوراته عن المواطنين بأنه “يصعب العمل معهم”.
كما جادل بأنه يجب على الشركات توظيف المواطنين على أساس مؤهلاتهم وليس جنسياتهم. وبهذه الطريقة، ستدرك الشركات كيف يضيف الإماراتيون قيمة إلى عملياتهم، وكيف يمكنهم المساهمة في هدف التوطين.
ولكن، من غير المرجح أن يعالج ذلك مخاوف الشركات الخاصة إزاء توظيف المزيد من الإماراتيين. وإذا كانت الإمارات تريد أن تظل جذابة للمستثمرين الأجانب والشركات، فإن المسؤولية تقع على عاتق المواطنين فيما يتعلق بإظهار قيمتهم لأرباح الشركة.
ولا يحمل التوطين كهدف في حد ذاته نفس الجاذبية بالنسبة للشركات الخاصة، لا سيما في وقت تستعد فيه الشركات لخفض تكاليف العمل نتيجة الضريبة البالغة 9% والتي سيبدأ تفعيلها اعتبارا من صيف 2023.
وبحسب الكاتبة، يجب أن يدرك صانعو السياسة أيضا أن الإماراتيين يشكلون ما يقرب من 10% من السكان في الإمارات؛ ويدل ذلك على الخلل في نظرية التوطين. وينبغي التذكير بأن أفضلية المواطنة فحسب، لا تمنح الإماراتيين ميزة تنافسية على العمال المهرة المهاجرين؛ من حيث فهم الأعمال التجارية المحلية والمهارات الاجتماعية، خاصة أن الأغلبية الساحقة من السكان أجانب.
وقد يكون إيجاد طرق لتشديد نظام الهجرة المفتوح طريقة أفضل مستقبلًا؛ لذلك لا يعد الإعلان الأخير عن “تأشيرة البحث عن عمل” خطوة حكيمة في ظل البطالة العالية وعدم الرضا عن مخططات التوطين.
وترى الكاتبة أنه على الرغم من أن ضغوط السوق محورية في معضلة التوطين في الإمارات، إلا أن تحقيق حل طويل الأجل لا يزال مشروعا سياسية بحتا.
لم يكن إنشاء دولة رفاهية دون تكلفة بالنسبة للإماراتيين؛ فقد تضمن تآكل هويتهم الثقافية وتحولهم إلى أقلية في بلدهم
فعلى مدار العقد الماضي، تفاقمت أزمة البطالة بسبب التغييرات الهيكلية في اقتصاد الإمارات، بما في ذلك التحول العام عن النفط وشبه إلغاء نظام الكفالة الذي كان بمثابة مصدر حاسم للإيرادات للإماراتيين.
وتؤكد الكاتبة على أنه نظرا لأن العقد الاجتماعي يخضع لتغييرات سريعة، فإن الخطوة التالية المنطقية ستكون تقديم بعض التنازلات السياسية وكذلك الشفافية في صنع السياسات.
وتختم بالقول إنه لم يكن إنشاء دولة رفاهية (مدفوعة بالثروة النفطية) دون تكلفة بالنسبة للإماراتيين؛ فقد تضمن تآكل هويتهم الثقافية وتحولهم إلى أقلية في بلدهم. وقد وصل الإماراتيون الآن إلى مفترق طرق، ولا يمكنهم أن يكونوا مراقبين سلبيين.
تم تحديث الموضوع في
0 تعليقات