آخر المواضيع

حكومة إسرائيل المقبلة و”قصة الرعب”.. علماني أم حريدي؟

 


 أكثر من نصف أعضاء الائتلاف الذي سيشكل الحكومة القادمة يختلف بعضهم البعض في عادات عبادتهم ويتشابهون بقوميتهم المتطرفة. لم يعد هناك “سياسيون متدينون معتدلون”. دولة الشريعة هي خيار مفضل بالنسبة لجميعهم. سيطرة الدين، البطيئة ولكن المستمرة، على الجيش وعلى التعليم تعتبر سبباً للقلق الذي يتحول إلى خوف، إلى كراهية. المسافة الكبيرة جداً بين الاعتدال والحريدية القومية، اجتازها الحريديون.
الحريديون ليسوا الأسوأ، لكنهم المكروهون أكثر. الاستطلاعات تظهر بأن الإسرائيليين يكرهون الحريديين. موقع “المؤشر” الذي يجمع المعلومات عن السياسة والمجتمع والهوية، يستخدم كلمة “قلقون” من أجل وصف نظرة نحو 80 في المئة من العلمانيين لـ “المضمون اليهودي” في المدارس الرسمية. نسبة مشابهة للعلمانيين تقلق من تمويل مؤسسات التعليم الدينية التي لا تعلم المواضيع الرئيسية.
العلمانيون قلقون مما سيحدث لهم وليس للحريديين، قلقون مما سيحدث لهم عندما يكون كل مواطن ثالث حريدياً بعد ثلاثين سنة. عندها، بعد نضال صغير وصعب، سيعترف العلمانيون بالهزيمة. الأرقام ضدهم. ففي الديمقراطية التي تعد قاعدتها الوحيدة “الأغلبية تقرر” لن تكون هناك نتيجة أخرى. هذا الصراع الصغير والصعب سيأتي إليه العلمانيون مشحونين بكراهية مصدرها الخوف، الخوف من وجود للحريديين ما لا يوجد لهم: ظهر سياسي، وميزانيات، وقدرة على تجنيد الجمهور والسيطرة عليه. يخيفهم التفكير بأن الحريديين القوميين على أنواعهم لن يكتفوا بسيطرة محدودة. ماذا… وزارة الإسكان والمالية والأديان والصحة؟ ويريدون المزيد. تخيلوا على حساب من. هم سيستغلون مخزون القوة البشرية الضخم لديهم وسيحولونه إلى نبع متدفق من الوظائف والأموال والميزانيات.
الآن يفصل جدار بين الحريديين والعلمانيين. وبدون هذا الجدار، ستتصادم القوى غير المتزنة. انظروا إلى “بيت شيمش”، هناك يخافون العلمانيون من طمس الفصل، يخافون من أن غزو “بني براك” لتل أبيب. هذا الخوف مفهوم. تكفي رؤية المظاهرات الكبيرة والجنازات الكثيرة. يسهل تخيل كيف يتوجه جمهور واسع ومصمم من “بني براك” غرباً ويصعدون إلى شارع جابوتنسكي وصولاً إلى الكرياه، ويواصل السير إلى ايفن غفرول وبن يهودا، ويغرق كل ما يقف في طريقه.
موجة غريبة، ستغرق عندها تل أبيب. ولكن لحظة، هل الحريديون غريبون؟ نعم. بعد سنوات كثيرة من الحياة إلى جانبنا، لا يزالون غرباء. نتغذى على الأفلام والمقالات والآراء المسبقة فقط، ولا نعرف عنهم الكثير. هم اختاروا الاغتراب، خوفاً من الاقتراب الذي يمكن أن يغريهم بالهجرة. لا يتم إجراء أي لقاءات بين الشباب الحريديين والعلمانيين. القدرة على المصالحة والحلول الوسط محدودة أصلاً عندهم. ليس لديهم “الذهاب إلى” أو “الالتقاء في منتصف الطريق”، والنتيجة الانفصال والخوف والكراهية.
يكرهون ويخجلون. الاستطلاعات لم تحسب درجة الخجل المقرونة بكراهيتنا. كيف حدث أن المتنورين والتقدميين مثلنا يستخدمون الأدوات التي كرهونا بها، مثل: التعميم، والقوالب النمطية، والأحكام المسبقة. نحن نلقي عليهم الاتهامات التي ألقيت ذات يوم على أسلافنا مثل الابتزاز، والتطفل، والانفصال. الجواب أننا لا نكره الحريديين كأفراد. لا يوجد أي علماني لا يعرف حريدياً غير مستغل ومنغلق أو كاذب، حريدي لا يهمه إذا كان القطار يسير يوم السبت في تل أبيب، بل لا يريد سوى أن يتركوه وشأنه. هؤلاء لا نكرههم، بل من يتحدث باسمهم. أيضاً الحاخامات وكتاب البلاط، طمع درعي وحريدية غفني الوطنية وسخرية سموتريتش الذي هو على ثقة بأن الله قد وضع السيف في يده من أجل إحلال النظام هنا. تنطبق عليهم جميع الصور النمطية المرتبطة بالحريديين، المبتزين والمستغلين والمتطفلين.
هم يضعون المرآة أمام غبننا، الأمر الذي يعكس الاعتقاد السخيف بأن الربط بين اليهودية والديمقراطية سيحمي حقوق الفرد عندنا. هم لاحظوا سخافة هذا الربط. هل تريدون ديمقراطية؟ إذاً تفضلوا، لم لا؟ نحن سنلغيها أصلاً. أنتم في نهاية المطاف، أعطيتمونا الأدوات لفعل ذلك.
خلافاً لنا، هم يعرفون بالضبط ما هي الدولة التي يريدونها هنا، يعرفون ما الذي سيحدث للفلسطينيين والعلمانيين وأبقارهم الحمراء. هم تحولوا من معتدلين إلى حريديين قوميين، من متسامحين إلى قوميين متطرفين. لأن هذه هي الطريق الآمنة للأموال والميزانيات. هم حلم كل لاسامي.
بقلم: يوسي كلاين
هآرتس 22/12/2022

تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي

إرسال تعليق

0 تعليقات

تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي

أخر المنشورات

أهم الاخبار

تابعونا على موقعنا اخبارنا سوا