آخر المواضيع

"وحدة سيف فشلت في إحباط ولو حتى جريمة واحدة" في المجتمع العربي


 بعد مرور أكثر من عام على إقامتها في آب/ أغسطس الماضي، فشل قسم القضاء على الجريمة في المجتمع العربي (وحدة "سيف") في إحباط ولو حتى جريمة قتل واحدة، وسط تصاعد الشكوك بشأن نجاعته، في حين وصفه مسؤولون في جهاز الشرطة بأنه بات "ملجأً للضباط الذين لا يمكن العثور لهم على مكان في الوحدات الأخرى".

وكانت الشرطة قد أوكلت للوحدة التي أعلن عن تأسيسها رئيس الحكومة السابق، نفتالي بينيت، مهمة "إحباط الجريمة في المجتمع العربي وإعادة الأمن إلى شوارع المدن والقرى"، كما جاء على لسان المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، يعقوب شبتاي، إلا أن الجريمة في المجتمع العربي في تصاعد مستمر وسط تصريحات لمسؤولين في الشرطة حول ما وصفوه بـ"فقدنا السيطرة على ما يحدث في الشارع".

وفي حين لم تنجح الشرطة في تقليص حجم الجريمة في المجتمع العربي، اعترف ضابط رفيع في الشرطة أن الجهاز "لا يجيد التعامل" مع الجرائم، ويفشل في تنفيذ "الإجراءات الاحترازية المضادة" ولا يتمكن من إحباط جرائم القتل، كما أنه يفشل "في توقع الجريمة التالية"، وذلك بحسب ما أوردت صحيفة "هآرتس" في تقرير صدر عنها اليوم، الثلاثاء.

ويعزي مسؤولون في الشرطة سبب فشل وحدة "سيف" في المهمة المنوطة بها إلى كونها "فاقدة للصلاحيات اللازمة". ويرى قادة في الشرطة تحدثوا لصحيفة "هآرتس" أن الوحدة تحولت إلى "ملجأ للضباط الذين لا يستطيعون العثور على مكان في الوحدات الأخرى"، وأنها سلم لضباط يستخدمونه لرفع رتبهم، فيما يرى مسؤولون في وزارة الأمن الداخلي، أن "القسم فائض عن الحاجة منذ اللحظة الأولى، ولا ضرورة له".

وجاء الإعلان عن تأسيس وحدة "سيف" مصحوبا بسلسلة من الوعود التي لم يتم تنفيذ معظمها، بما في ذلك إنشاء لجنة استشارية تمثل المجتمع العربي تضم رؤساء السلطات وشخصيات عامة ودينية؛ وإقامة مكتب لتحديد النزاعات والخلافات العائلية والداخلية في البلدات العربية، والتي تشكل خلفية 80% من جرائم القتل في المجتمع العربي، بحسب "هآرتس". فيما تم إنشاء وحدة مخصصة للإعلام الجديد (نيو ميديا) تتمثل مهمتها في تحليل الحالة المزاجية لدى المواطنين العرب ومشاركتهم في أنشطة الشرطة.

وأشار تقرير "هآرتس" إلى أنه منذ استقالة الضابط جمال حكروش، الذي ترأس "وحدة سيف" في أعقاب انتشار فيديو يوثق انسحابه من مسرح جريمة الشاب غازي أمارة في كفر كنا، يعد أن قفز فوق جثة الشاب الممدة في الموقع، شهد القسم موجة استقالات لكبار المسؤولين فيه شملت ثلاثة ضباط على الأقل كان آخرهم رئيس قسم العمليات في الوحدة، آساف دورون، الذي تولى مهام منصبه في آذار/ مارس الماضي.

وفي أعقاب استقالة حكروش من المنصب، تم تعيين الضابط نيتان بوزنيه خلفا له. واكتسب الأخير خبرته في التعامل مع الجتمع العربي خلال عمله كقائد لمنطقة النقب، علما بأنه متورط في أحداث إخلاء قرية أم الحيران في كانون الثاني/ يناير 2017 التي اشتهد خلالها المربي يعقوب أبو القيعان، في جريمة تجنبت الشرطة إجراء تحقيق داخلي رسمي فيها، في ظل الشواهد الكثيرة التي أشارت إلى تورط عناصرها في قتل أبو القيعان دون أي سبب، وما تبع ذلك من محاولة لتشويه صورته التي شارك فيها كبار المسؤولين في الشرطة والحكومة الإسرائيلية، وما رافق ذلك من كيل لتهم ملفقة تضمنت ادعاءات حول انتماء الشهيد أبو القيعان لتنظيم "داعش" بهدف تسويغ قتله.

ولفت تقرير "هآرتس" إلى أن التعيينات في وحدة السيف تقوم عادة على رغبة الضباط في رفع مستوى رتبهم والحصول على وظيفة جديدة، الأمر الذي يخلق نوعا من البلبلة في جهاز الشرطة، وسط تضارب في الصلاحيات الموكلة للوحدة وأقسامها وشعباتها، وبين وحدات أخرى في الشرطة من بينها المنظومات الاستخباراتية والوحدات المركزية التي تعمل كذلك على القضاء على الجريمة في المجتمع العربي.

ونقلت الصحيفة عن أحد الضباط قوله إن "القسم هذا فائض عن الحاجة منذ اللحظة الأولى. قائد محطة لا يحتاج قسما كاملا لإبلاغه أن هناك خلافا بين عائلتين، هو يعرف ذلك بنفسه"، وأشار المسؤول إلى تضارب بين الصلاحيات الممنوحة للقسم وبين الصلاحيات الموكلة لأقسام أخرى تابعة للمقر المركزي للشرطة الإسرائيلية، الأمر الذي يخلق بلبلة في الجهاز ويقلل من نجاعة عملياته.

وشدد المسؤول على أن القسم لا يضم أي قوات على الأرض، وقال: "القسم لا يتواجد في الميدان على الإطلاق، فكيف يمكنك تسميته ‘وحدة إحباط‘ جرائم". وبالتدقيق في المعطيات يتضح فشل "وحدة سيف" في المهام المنوطة بها، إذ أن العام الجاري شهد مقتل 76 مواطنا عربيا في جرائم قتل مختلفة، مقابل مقتل 84 شخصا في الفترة نفسها من العام السابق.

ورغم الوعودات والإعلانات والتصريحات الرسمية الصادرة عن مسؤولن في الحكومة وفي أجهزة إنفاذ القانون، لا تزال معدلات حل الجرائم في المجتمع العربي وتقديم مشتبهين للقضاء، منخفضة للغاية، إذ لا تتعدى الـ19% فقط، مقارنة بـ70% في المجتمع اليهودي، وسط غياب مخطط واضح للإستراتيجيات والأهداف الرسمية الموضوعة بشأن إحباط الجريمة المنظمة في المجتمع العربي.

وأفادت "هآرتس" بأن أصداء الانتقادات الموجهة للوحدة وصلت إلى وزارة الأمن الداخلي، ودفعت الوزير عومير بار-ليف إلى الطلب من قائدها بوزنيه، لحظة تعيينه، صياغة موقف رسمي حول "ما إذا كان هناك أي جدوى من استمرار وجود القسم كهيئة منفصلة"، الأمر الذي يعكس الشكوك التي تحوم حول الفائدة من استمرار عمل "وحدة السيف" التي يرى مسؤولون في الشرطة أن عناصرها لا يفعلون شيئا سوى "شرب القهوة في جلسات الصلح" التي ترعاها الشرطة.

وعلى الرغم من الانتقادات، تصر الشرطة على ضرورة استمرار عمل القسم وتدعي أنه ما زال من السابق لأوانه الحكم على أدائه. وفي هذا السياق، قال شبتاي مؤخرا في محادثة مغلقة إنه "في غضون عام من الآن، ستتعامل الوحدة مع جميع النزاعات في المجتمع العربي". وأعلن الجهاز أنه بعد وضع خريطة للنزاعات في المجتمع العربي، سيتم إطلاق نظام ذكاء اصطناعي في الأشهر المقبلة من شأنه أن يحذر الشرطة من نزاعات "دموية" محتملة.

إرسال تعليق

0 تعليقات

تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي

أخر المنشورات

أهم الاخبار

تابعونا على موقعنا اخبارنا سوا