آخر المواضيع

بالتفاصيل.. ما هو نظام "سويفت" الذي يهدد به الغرب موسكو؟



 جراء الهجوم السوفيتي على أوكرانيا والاعتراف بالجمهوريات المستقلة أو الانفصاليين شرق أوكرانيا، والحرب المستمرة منذ الخميس الماضي على المدن الأوكرانية، يسعى الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لردع روسيا عبر العديد من العقوبات المزمع فرضها على موسكو، بخلاف المساعدات التي قدمها الغرب لأوكرانيا قبل اشتعال الحرب، والمساعدات التي وعدت أمريكا ودول أوروبا بتقديمها منذ بداية الهجوم الروسي.

العقوبات التي تتحدث واشنطن عن فرضها على موسكو كثيرة، إلا أن الحديث عن حجب البنوك الروسية عن نظام سويفت المالي يعد أحد أبرز وأقوى العقوبات في حال تم إقراره بالفعل، إلا أن القرار يواجه صعوبة كبيرة وتحديات قوية لتطبيقه، ويظل خيارًا مطروحًا على طاولة الغرب والولايات المتحدة في ظل تفاقم الأزمة مع روسيا عقب اجتياحها أوكرانيا، وهذا لأنه سلاح خطير العواقب بسبب تداعياته التي لن تصيب روسيا وحدها، بل ستصل عواقبه لدول أوروبا التي تربطها علاقات اقتصادية واسعة مع موسكو.

وهو ما يعني أن العقاب الذي يعد الأكثر فاعلية وتسعى واشنطن لتطبيقه على روسيا لن تفلت أوروبا من التداعيات السلبية إثر تطبيقه، وهو الأمر الذي يقف حائلًا أمام تطبيق قرار حجب البنوك والمصارف والهيئات المالية الروسية عن نظام سويفت المالي.

وهو ما أكده الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث قال في كلمته أن تطبيق عقوبة فصل روسيا عن نظام سويفت "لا تزال خياراً قائماً" لا تحظى حتى الآن بقبول بين الأوربيين، في إشارة للخلافات بين الدول الأوروبية حول ذلك القرار، وأن القرار سيعود على دول أوروبا بخسائر مادية كبيرة، بجانب الخسائر السياسية في علاقة أوروبا لروسيا مما قد يؤدي لمنع روسيا للغاز عن أوروبا في المستقبل.

ومن أكثر الدول التي ترفض تطبيق ذلك القرار، وستكون أكثر المتضررين ألمانيا، حيث أنها ذكرت أنها "تفكر في العواقب"، وبمزيدٍ من التشكيك في جدوى تلك الخطوة، وقال المستشار الألماني أولاف شولتس، إن فصل روسيا عن سويفت ينبغي ألا يكون جزءاً من حزمة العقوبات ضد روسيا، فيما أعلنت دول أخرى مثل فرنسا وبريطانيا تأييدها للقرار.

وبالتالي نكون أمام عدة أسئلة أولها ما هو نظام سويفت المال، وما هي عواقب تطبيق قرار فصل موسكو عن هذا النظام، وما علاقة أوروبا بتلك التداعيات، وما هي الأنظمة البديلة، وهل فعلًا ستتضرر روسيا منه.

ما هو نظام سويفت المالي

نظام سويفت المال، -"مجتمع الاتصالات المالية العالمية بين البنوك"هو نظام مراسلة آمن يجعل المدفوعات السريعة عبر الحدود ممكنة، ما يمكّن التجارة الدولية من الاستمرار بسلاسة، ويسهل النظام، ومقره في بلجيكا، المعاملات بين أكثر من 11 ألف بنك ومؤسسة مالية في جميع أنحاء العالم، ويلعب سويفت دورا محوريا في دعم الاقتصاد العالمي، لكن ليس لديه سلطة اتخاذ قرارات العقوبات بنفسه.

نظام "سويفت"، تأسس عام 1973 وبدأ نشاطه فعليًا عام 1977، وذلك في ضوء تطور التجارة العالمية ونموها بشكل سريع، ويعمل نظام سويفت على مطابقة أوامر العملاء بين الجهات المتداخلة بالعمليات المالية، والتصديق عليها كما في التحويلات النقدية الخاصة بالعمليات ونتائج التسويات المالية، وكذلك التصديق على تنفيذ عمليات التداول وتسويتها بين الأطراف المشتركة.

ويوفر نظام سويفت المالي عملية ربط وتبادل الرسائل والمعلومات بين جميع أسواق المال من خلال البنوك المسؤولة عن تنفيذ تلك العمليات في مختلف الدول. وهو بذلك يغطي مختلف العمليات المالية والمصرفية التي تُجرى بين البنوك والمؤسسات المالية.

ويحمل النظام مزايا ضخمة، لا سيما فيما يتعلق بحماية العمليات وسرعة التنفيذ، علاوة أنه أقل تكلفة من أساليب التحويل الأخرى. فضلاً عن كونه يشمل أكثر من 200 دولة، وآلاف المؤسسات المالية والبنوك (11507 مؤسسة حتى مارس 2020).

ونظام سويفت ليس بنك، ولكنه نظام مراسلة فوري يخبر المستخدمين بموعد إرسال المدفوعات وتسلمها، ويرسل هذا النظام أكثر من 40 مليون رسالة يومية، إذ يتم تداول تريليونات الدولارات بين الشركات والحكومات.

من يملك نظام سويفت ويتحكم فيه؟

أنشىء نظام سويفت من قبل بنوك أمريكية وأوروبية، كانت ترغب في ألا تسيطر مؤسسة واحدة على النظام المالي وتطبق الاحتكار، والشبكة الآن مملوكة بشكل مشترك لأكثر من 2000 بنك ومؤسسة مالية، ويشرف عليها البنك الوطني البلجيكي، بالشراكة مع البنوك المركزية الكبرى في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنك إنجلترا.

تأثير حجب سويفت على روسيا

في حال تم حجب روسيا عن نظام سويفت فإن حركتها المالية المتمثلة في أي تحويلات حكومية أو شخصية ستكون صعبة للغاية أو مستحيلة، مما يعني أنها لن تستطيع في غالب الأمر القيام بتحويل واستقبال الأموال، مما يؤثر على عمليات الاستيراد والتصدير ومختلف الأنشطة الاقتصادية والمالية، كما أنه في حال فصل روسيا عن نظام سويفت، فإن ذلك يعني "استحالة إرسال الأموال إليها، بما يضع الشركات الروسية وعملاءها -بما في ذلك الأوربيين- في أزمة واسعة تتأثر بها صادرات الطاقة أيضاً".

وحجب روسيا عن نظام سويفت يعني ضغط اقتصادي هائل له تداعيات شديدة الصعوبة على الوضع الاقتصادي والعملة، وهو إجراء يتم دراسة اتخاذه ضد روسيا في ضوء التطورات الأخيرة التي تصاحبها جملة من التداعيات الاقتصادية على مستويات مختلفة.

وعانت إيران من فصلها عن نظام "سويفت" في العام 2012، في ظل تشديد العقوبات الدولية عليها على خلفية برنامجها النووي، ما أدى لخسارة طهران نصف عائدات تصدير النفط ونسبة تصل إلى 30 بالمئة من تجارتها الخارجية، طبقاً لإحصاءات مركز "كارنيجي موسكو" للأبحاث، وبحسب مركز خبراء رياليست الروسي فإنه "من المحتمل أن تعتبر روسيا أي استثناء من نظام الدفع سويفت SWIFT بمثابة إعلان حرب، وقد ترد عسكرياً".

حجب بنوك روسية عن سويفت

اتفق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلفاؤهما على عزل عدد من البنوك الروسية عن نظام الدفع الدولي الرئيسي سويفت، وأعلنوا أنه سيتم تجميد أصول البنك المركزي الروسي، وقال بيان مشترك إن النية هي "زيادة عزلة روسيا عن النظام المالي الدولي".

بدائل روسية لنظام سويفت

منذ عام 2014 وتعمل روسيا على تُجهز بدائل مرتبطة بنظام جديد عوضاً عن نظام سويفت، وذلك بعدما هددت أمريكا والغرب في نفس العام بفصل موسكو عن نظام سوفت ، يُعرف هذا النظام الروسي الذي تم العمل عليه في العام 2014 باسم إس.بي.إف.إس "SPFS" وهو نظام رديف كان البنك المركزي الروسي قد اعتمده في العام 2017 بديلاً لـ "سويفت". كما استعدت روسيا بشبكة إنترنت خاصة بها .

وكان نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف، قد علق قبل أسابيع على التهديدات الغربية بفصل موسكو عن شبكة "سويفت" قائلاً: "يقومون بترويعنا باستمرار بهذا الأمر، وهو ما دفعنا لإنشاء نظام خاص بنا لنقل المعلومات، تحسبًا من الحالات الطارئة، ويمكن أن يحدث الشيء نفسه مع الإنترنت".

وبالتالي فإن أمريكا تريد بشتى الطرق عقاب روسيا لوقف الهجوم على أوكرانيا وتكبيد موسكو أكبر قدر ممكن من الخسائر المالية، إلا أن الخسائر التي تطال أوروبا تظل عقبة أمام واشنطن لتطبيق هذا القرار، كما أن روسيا 2021، باتت أكثر استعدادًا لهذا القرار عن روسيا 2014 وفق تصريحات فلاديمير بوتين نفسه.

والأيام المقبلة ستثبت أو تنفي كثير من المزاعم التي أطلقتها موسكو وواشنطن قبل وبعد أزمة أوكرانيا، فهل ستستطيع واشنطن تطبيق قرار حجب روسيا عن نظام سويفت المالي، وهل ستصمد روسيا أمام الأمر كما تزعم أيضًا؟.

إرسال تعليق

0 تعليقات

تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي

أخر المنشورات

أهم الاخبار

تابعونا على موقعنا اخبارنا سوا