آخر المواضيع

تقرير: قانون الكهرباء.. إسرائيل المستفيد الأكبر

 

صادق البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" بداية الأسبوع الماضي، على قانون "الكهرباء" الذي قدّمه عضو الكنيست من القائمة العربية الموحدة وليد طه، وذلك بعد رد جميع التحفظات والاعتراضات عليه؛ وسط احتجاج أحزاب المعارضة الإسرائيلية اليمينية، والتي شاركت في الجلسة التي شهدت مشادات كلامية صاخبة، لكنها -أي المعارضة- قاطعت التصويت بزعم أن الائتلاف الحكومي استخدم بندا استثنائيا في دستور الكنيست يقيد استمرار المداولات.
 
الهيئة العامة للكنيست صادقت على القانون بتأييد 61 عضو كنيست من أصل 120 عضو، بينهم نواب "الموحّدة"، برئاسة منصور عباس، و"العربية للتغيير" برئاسة أحمد الطيبي، و"التجمّع" برئاسة سامي أبو شحادة، دون أي معارضة وامتناع ثلاثة نواب عن التصويت، ويقول نواب القائمة العربية الموحدة أنّ قانون الكهرباء من شأنه أن يفيد عشرات آلاف المواطنين العرب في القرى غير المعترف بها من قبل إسرائيل، وأن المرحلة القادمة ستكون تسريع عميلة التخطيط للبلدات التي لم يتم بناؤها حتى الآن.
 
في المقابل امتنع نواب "الجبهة الديمقراطية" برئاسة أيمن عودة عن التصويت على القانون، مبررين ذلك بأن القانون سيء وفيه شروط تعجيزية، وأن فئة قليلة من العرب يسري عليها القانون، وأن قلة قليلة من هذه الفئة سيكونون قادرين على تلبية شروطه التعجيزية، وأن هذا القانون خضع لإملاءات اليمين الاستيطاني بتواطؤ من القائمة الموحدة، والتي قايضته بقوانين استيطانية وعسكرية خطيرة وفق قولهم.
 
خلفية الأزمة

يعيش حوالي 100 ألف مواطن عربي بإسرائيل في بيوت غير موصولة بشكل قانوني وآمن بشبكة الكهرباء، رغم أنهم يسكنون في بلدات "معترف بها"، لأنهم يسكنون بيوتاً "غير مرخّصة"، فهناك حوالي 14 ألف مبنى سكني غير مرخص في 70 بلدة عربية -لا يشمل النّقب بقُراه غير المعترف بها أصلاً- ومعظم هذه المباني (64% منه) موجودة في 10 بلدات عربية ما بين وادي عارة والمثلث الشمالي والجنوبي وصولا إلى الكرمل وقرية "يركا" التي تقع على السفوح الغربية لجبال الجليل الأعلى شمالاً.
 
ويدفع المواطنون العرب الثمن بتعريض حياتهم للخطر، وبالتعرّض للعقوبات القاسية والمجحفة مثل الهدم والغرامات الطائلة وانعدام الخدمات الأساسيّة والحيوية كالكهرباء؛ نتيجة لسياسات التّمييز العنصري وتعمّد الإهمال الحكومي تجاه البلدات العربيّة في مجال التخطيط والتطوير منذ عشرات السنين، حيث يقع ما نسبته 72% من البيوت غير المرخصة في مناطق دون خرائط تفصيلية، مع العلم أن معظمها بني ضمن حدود الخارطة الهيكلية. 
 
الكنيست الإسرائيلي كان قد شرع قانوناً عام 1996 وعمل به حتى عام 2007، بعد أن أرسلت السلطات المحلية العربية إلى الجهات المختصة في الحكومة الإسرائيلية قوائم بالمباني التي قد تستوفي معايير الأمر المؤقت، الذي يجيز وصل بيوت بالكهرباء رغم أنها لم تستوف إجراءات الترخيص بعد، والذي بموجبه تم منح صلاحيات لوزير المالية لربط نحو عشرة آلاف منزل غير مرخص بشبكة الكهرباء.
 
الموحّدة تتبنى القانون

تبنّت القائمة المشتركة ابتداءً قانون الكهرباء دون الحاجة للحصول على نموذج رقم (4)، والذي تقدّم به رئيس الكتلة النائب أحمد طيبي إلى الكنيست، لكنّ التصويت عليه تأجّل بسبب معارضة القائمة العربية الموحدة المشاركة في الائتلاف الحكومي، رغم أن القانون يأتي في صالح دعم الاحتياجات المدنية للمواطنين العرب؛ لاعتبارات تتعلق برفض الائتلاف -وفق قول الموحّدة- مقترحات قوانين تقدمها المعارضة ومنها القائمة المشتركة التي تقدّمت بمشروع القانون ابتداءً.
 
لذلك قررت القائمة الموحدة بصفتها أحد مكوّنات الائتلاف الحكومي تبنّي هذا القانون وأخذه على عاتقها ومسؤوليتها، وبالفعل صادق الائتلاف على دعم هذا القانون بعد تقديمه من قبل الموحدة، إذ أن الاتفاقية بين الموحّدة والائتلاف نصّت في عدد من بنودها على تحسين الخطط الحكومية المتعلقة بالتخطيط والسكن، وتذليل العقبات التخطيطية لتراخيص البناء في المجتمع العربي، والتوجه إلى المستشار القانوني للحكومة للنظر في إلغاء المخالفات التي أعطيت للعرب فيما يتعلق بالبناء غير المرخص.
 
وقد صادقت الهيئة العامة للكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة على "قانون الكهرباء" يوم الأربعاء 5 يناير 2021م، وبحسب القانون، يحق لوزيرة الداخلية إصدار أمر يتيح ربط مبنى سكني يقع في منطقة معينة محددة بالكهرباء أو الماء أو الهاتف، حتى دون الحاجة للحصول على نموذج رقم (4) والذي يؤكد على إنجاز عمليات البناء بشكل قانوني ومرخّص، وسيسمح لشركة الكهرباء الإسرائيلية باستبدال شبكات الطاقة المؤقتة غير القانونية والخطيرة المنتشرة في بعض المناطق بوصلات قانونية منظمة.
 
الجبهة تعارض

الجبهة الديمقراطية والحزب الشيوعي أكّدا على أن الجدل حول الآليات التفصيلية والإجرائية لقانون الكهرباء غيّب الأمر الجوهري الأساس الذي يجب مناقشته والنظر فيه، وهو الحق الطبيعي للفلسطينيين بتوسيع وهيكلة مناطق نفوذ بلداتهم، بشكل يلائم احتياجاتهم الإنسانية من بنى تحتية وأبنية سكنية ومرافق عامة ومناطق صناعية، لأن 95% من البيوت التي بنيت من دون ترخيص، بنيت اضطراراً على أراضي أصحابها، الذين صرفوا مئات الآلاف من جيوبهم كي يحققوا الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية.
 
ونشرت الجبهة الديمقراطية والحزب الشيوعي بياناً قالتا فيه: إن هيئاتهما أجرت أبحاثًا معمّقة في كل واحدة من مراحل التصويت على القانون، وتوصلت إلى قناعة بأن قلة قليلة فقط من ذوي الإمكانيات المادية المرتفعة، سيكون بمقدورهم الارتباط بالتيار الكهربائي، حيثُ أن القانون يفرض على كل من يريد الارتباط بتيار الكهرباء، إن كان من خلال رسوم مباشرة، وكفالات بنكية دفع ما بين 100 ألف إلى 200 ألف شيكل بحسب ما أكدت وزيرة الداخلية شاكيد، والتي أعطاها القانون صلاحيات كاملة للمصادقة على كل طلب على حدة.
 
ثمة شروط تعجيزية حددها القانون لإصدار أمر بتوصيل الكهرباء للبيوت في البلدات العربية بشكل قانوني، أولها أن أمر التوصيل يجب أن يصدر عن وزيرة الداخلية شاكيد المشهورة بعنصريتها ضد الفلسطينيين، ثم تقديم خارطة مفصلة من قبل أحد الأطراف المدرجة في نص القانون، وأن يكون المبنى أو المسكن قد أقيم قبل الأول من كانون الثاني/ يناير 2018، ولم تتم إضافة أي أعمال بناء عليه بعد ذلك التاريخ، ما يعني أن الوزيرة شاكيد، ستقف حاجزاً أمام الكثير من الطلبات المقدمة من قبل الفلسطينيين.
 
مقايضة رخيصة

يجادل نوّاب الجبهة والشيوعي بأن "الموحّدة" بقيادة منصور عباس قايضت الائتلاف الحكومي ووزيرة الداخلية أييليت شاكيد بهذا القانون وبشروطه التعجيزية، مقابل تأييد قوانين استيطانية وعسكرية، مثل قانون توسيع وتطوير مستوطنة حريش الجاثمة على أراضي منطقة المثلث الشمالي- وادي عارة، وقانون فرض التجنيد الإلزامي على شبان اليهود الحريديم في الجيش، عدا القوانين التي سبق وصادقت عليها الموحدة التي أيدت تمديد سريان قانون تجنيد جنود الجيش لقمع الأسرى في السجون، وتمديد سريان تجنيد جنود الجيش لمساعدة الشرطة في قمع مظاهرات الجماهير العربية.
 
وكانت القائمة العربية الموحدة قد أيدت بالقراءة الأولى قانون تفتيش البيوت من دون قرار محكمة في ديسمبر من العام المنصرم، ما يتيح للقوات الأمنية اقتحام البيوت وتفتيشها ومصادرة كاميرات التصوير، من دون حاجة لأمر قضائي من المحكمة، لتكون البيوت العربية مُستباحة ومنتهكة وفق ما يرى رجال الشرطة والجيش، فضلاً عن تأييد مشروع قانون زيادة ميزانية تخليد ذكرى دافيد بن غوريون قائد مجازر النكبة، وواضع كل أسس السياسات العنصرية، وكذلك تأييد قانون الحرمان من لم الشمل.
 
الخلاصة:

يمكننا القول أنّ القانون نجح في إتاحة ربط المباني السكنية التي تقع في مناطق معينة ومحددة بشبكة الكهرباء الإسرائيلية دون الحاجة للحصول على نموذج رقم (4)، وساهم كذلك في تقليص المدة الزمنية للنظر في كل طلب من 120 يوم إلى 60 يوم، لكنه يحرم عشرات آلاف البيوت وخاصة في النقب من التيار الكهربائي، في حين أن قلة من البيوت التي يسري عليها القانون سيكون بمقدورها تلبية الشروط المالية التعجيزية.
 
من ناحية أخرى نرى أن القائمة الموحدّة بقيادة منصور عباس، وضعت هذا الملف برمّته تحت رحمة وزيرة الداخلية إيليت شاكيد والتي تعهدت أن يكون ربط البيوت بشبكة الكهرباء بـ "القطارة"، والأخطر من ذلك أنها – أي الموحّدة- قدّمت تنازلاتٍ أمنية كبيرة، تتعلق بالقضايا الوطنية الفلسطينية، والمرتبطة بالسيادة على الأراضي العربية، والسماح باقتحام البيوت في البلدات الفلسطينية دون مذكرة من المحكمة، وغيره، ما يعني أن الثمن الذي سيدفعه المجتمع العربي لصالح المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على المستوى الأمني والاستخباري سيكون ثقيلاً للغاية، ما يحتّم على فلسطينيي الداخل الاستعداد لمواجهة مفتوحة مع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في المرحلة المقبلة.

أحمد سمير - عكا للشؤون الاسرائيلية

تم تحديث الموضوع في

إرسال تعليق

0 تعليقات

تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي

أخر المنشورات

أهم الاخبار

تابعونا على موقعنا اخبارنا سوا