آخر المواضيع

رحيل سنديانة الأقصى سارة النبالي.. بعد 60 عامًا من الرباط


 مع آخر ساعات سنة 2021 الماضية، فُجع المقدسيون بنبأ وفاة المسنة المقدسية سارة النبالي "أم وليد" (91 عاما)، التي عرفت برباطها وصلاتها في المسجد الأقصى منذ نصف قرن، واشتهرت باعتراضها الشجاع على اقتحام القوات الاسرائيليه  ومستوطنيه للمسجد، وصراخها عليهم بكلمة "انقلعوا" التي تناقلتها الألسن من بعدها، وغدت وسما وطنيا رائجا.


طوال سنيّ عمرها تمتعت النبالي بصحة جيدة، ولم تعان أي مرض قبل وفاتها التي كانت مفاجئة لعائلتها المكونة من 7 أبناء وأكثر من 30 حفيدا في فلسطين وخارجها.

رحيل هادئ مطمئن

"كانت تقول لي يا ستي ادعيلي: الله لا يثقل عليّ، والله يهونها عليّ"، هكذا استذكرت حفيدتها سجى النبالي دعائها الدائم الذي يبدو أن الله استجاب له، وتؤكد -في حديثها للجزيرة نت- أن جدتها رحلت بهدوء ووجه أبيض خالٍ من التجاعيد، وتقول إنها كانت يوم أمس الجمعة في بيت نجلها ببلدة بيرنبالا شمال غربي القدس، وامتنعت عن الطعام فجأة، فقلق ابنها عليها وعرضها على الطبيب الذي أكد خلوها من الأمراض.

تكمل الحفيدة حديثها بتأثر وصوتٍ باكٍ "أراد عمي أن يأخذها إلى طبيب آخر للاطمئنان، وفي الطريق إلى القدس أغمضت عينيها وفاضت روحها بهدوء، بلا ألم أو ضجيج، راحت ستي".

راحت أم وليد، وتركت مكانها في المسجد الأقصى فارغا، فهي التي لم تبرحه إلا للضرورة القصوى، وقصدته يوميا من بيتها في حي رأس العامود جنوبي المسجد، لتصلي فيه من الصباح الباكر إلى العصر، حتى أمست معلما بارزا من معالمه يعرفها أهل المسجد ويأنسون لحضورها.


 سارة السارّة

كان حضورها ماتعا سارّا كاسمها، ففي سعة وقتها داخل الأقصى كانت تتبادل أطراف الحديث مع رواده، ويتحلّق حولها حراس المسجد لتروي لهم حكايات الماضي وذكرياتها التي تحتفظ بها داخل ذاكرة قوية لم يؤثر فيها الزمن.


وفي آخر مقطع مرئي لها قبل وفاتها بأسابيع قليلة، تظهر المسنة سارة وحولها بضعة حراس في عمر أحفادها، وهي تروي لهم كيف ردت على شرطي الاسرائيلي  الذي أوقفها ذات يوم في أثناء دخولها الأقصى، وتقول بلكنتها الفلاحيّة "بسألني قديش (كم) عمرك، بقله بحّر (انظر)، قبل ما تخلق إنت وعيلتك أنا كنت في الأقصى"، وخلال حديثها تردد جملة "في سبيل الله"، وتعد على أصابعها أسماء ولايات أميركية زارتها لترى أحفادها، وتفخر بأنها أدت فريضة الحج مرتين واعتمرت 5 مرات.




نصف قرن من الرباط
في مقتبل حياتها، عاشت سارة النبالي مع زوجها -الذي رحل باكرا- عند سفوح جبل الزيتون شرقيّ المسجد الأقصى قرب كنيسة "الجثمانية"، وأنجبت هناك أبناءها السبعة، ومنذ أيامها تلك وهي تقصد المسجد للصلاة.

كانت تمشي مسافات تعتبر طويلة وشاقة لامرأة في عمرها، تدخل باب الأسباط وتجلس على مصطبة أو حجارة في طريقها لترتاح، وأينما جلست صلّت ركعتين، حتى تصل إلى مصلى باب الرحمة أو قبة الصخرة أو المصلى القبلي، الأمر الذي أعطاها قوة في البدن وضياء في الوجه.

امتازت "سنديانة الأقصى" كما لقبها المقدسيون بارتدائها الأثواب التراثية والشالات القطنية صيفا والصوفية شتاء، وملازمتها لمسبحة مئوية بنية اللون من بذور الزيتون، التي تمررها بين أناملها ذاكرة الله، ساخطة على منتهكي بيته المُقدّس.

ومع رحيل المسنة سارّة النبالي، يفقد المسجد الأقصى نهاية عام 2021 نحو 10 من مرابطيه ورواده البارزين، من بينهم غسان يونس الملقب بأبي هريرات الأقصى، وبدر الرجبي، وإبراهيم صيام، وعبد العزيز العباسي، وأم راتب بدران.

المصدر : الجزيرة

إرسال تعليق

0 تعليقات

تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي

أخر المنشورات

أهم الاخبار

تابعونا على موقعنا اخبارنا سوا