خسائر ضخمة تكبدتها ولاية لوس أنجلوس نتيجة حرائق الغابات، والتي تتجه لتكون واحدة من أكثر الحرائق كلفة في تاريخ الولايات المتحدة.
وبحسب تقرير نشره موقع "بي بي سي" البريطاني واطلعت عليه "سكاي نيوز عربية"، فمن المتوقع أن تتجاوز الخسائر 135 مليار دولار حتى الآن.
وفي تقدير أولي، بحسب التقرير، قالت شركة "أكيوويذر" الخاصة للتنبؤ بالطقس إنها تتوقع وقوع خسائر تتراوح بين 135 مليار دولار و150 مليار دولار، حيث تنتشر الحرائق في منطقة تضم بعض أغلى العقارات في الولايات المتحدة.
كما تستعد صناعة التأمين لضربة كبيرة، حيث يتوقع محللون من شركات مثل "مورنينغ ستار" و"جيه بي مورغان" وقوع خسائر مؤمنة تزيد عن 8 مليارات دولار.
وتقول سلطات الإطفاء إن أكثر من 5300 مبنى دمرها حريق "باليساديس"، بينما دمر حريق "إيتون" أكثر من 5000 مبنى.
ومع استمرار السلطات في العمل على احتواء الحرائق، فإن حجم الخسائر لا يزال يتكشف.
وقال كبير خبراء الأرصاد الجوية في "أكيوويذر"، جوناثان بورتر: "لقد خلقت هذه الحرائق السريعة الحركة والمدفوعة بالرياح واحدة من أكثر كوارث حرائق الغابات تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة الحديث".
ويُصنف حريق عام 2018 الذي اندلع في شمال كاليفورنيا بالقرب من بلدة بارادايس حاليًا على أنه الكارثة ذات أعلى تكاليف مؤمنة، بنحو 12.5 مليار دولار، وفقًا لشركة التأمين العملاقة "أون".
وتسبب هذا الحريق، المعروف باسم "حريق كامب"، في مقتل 85 شخصًا ونزوح أكثر من 50 ألفًا.
وقالت شركة "أون" إن ارتفاع قيم الممتلكات في هذه الحالة يعني أنه من المرجح أن ينتهي بها الأمر كواحدة من أكثر حرائق الغابات تكلفة في قائمتها، بما في ذلك الممتلكات غير المؤمنة، فإن الخسائر الإجمالية ستكون أكبر.
حتى بعد السيطرة على الوضع، قال بورتر إن الأحداث قد يكون لها آثار طويلة المدى على الصحة والسياحة، بحسب "بي بي سي".
وعادة ما تلزم البنوك أصحاب المساكن في الولايات المتحدة الذين لديهم قروض عقارية بالحصول على تأمين على ممتلكاتهم.
من جانبها، قالت دينيس رابموند، المحللة البارزة في "موديز" للتصنيف الائتماني، إن الحرائق سيكون لها "تأثيرات سلبية واسعة النطاق على سوق التأمين الأوسع في الولاية".
وقالت: "من المرجح أن تؤدي تكاليف التعافي المتزايدة إلى ارتفاع أقساط التأمين وقد تقلل من توفر التأمين على الممتلكات"، مضيفة أن الولاية تواجه أيضًا أضرارًا محتملة طويلة الأجل لقيم الممتلكات وضغوطًا على المالية العامة.
لوس أنجلوس.. لماذا يصعب السيطرة على الحرائق المدمرة؟
مع اشتداد حرائق الغابات في مناطق لوس أنجلوس الأميركية هذا الأسبوع، كان أكبر التحديات التي واجهها رجال الإطفاء أمام النيران المستعرة والتي تساهم سرعة الرياح في انتشارها هو صنابير المياه الجافة.
وفي محاولة لإخماد حريق هائل يلتهم المنازل هرع رجال الإطفاء، بمن فيهم رايان بابروف، إلى صنبور إطفاء قريب، لكن المفاجأة كانت أن الصنبور جاف تماما.
وقال بابروف لصحيفة "واشنطن بوست"، وهو متطوع قديم في قسم الإطفاء في كاليفورنيا، إنه صادف على الأقل 4 صنابير إطفاء جافة أثناء محاولته مكافحة حريق "إيتون" في ألتادينا، ما أجبرهم على التوجه إلى باسادينا المجاورة لملء شاحناتهم بالمياه.
وتساءل بابروف "كيف يمكنك إخماد حريق دون ماء؟"، معبرا عن غضبه من الوضع المأساوي الذي يواجهه رجال الإطفاء في المدينة.
جفاف صنابر المياه
ووفقا للمسؤولين، فقد جفت 3 خزانات في منطقة باسيفيك باليسادس خلال 12 ساعة فقط.
كما أفاد السكان في ألتادينا بأنهم اضطروا لاستخدام مياه من البرك وخرطوم الحديقة في محاولة لإخماد النيران.
وقد أثارت تقارير عن الصنابير الجافة ردود فعل واسعة، حيث انتقد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب حاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم، متهما إياه بحرمان المنطقة من المياه الضرورية لمكافحة الحرائق.
وطالب ترامب بفتح خطوط المياه لتدفقها إلى الولاية التي تعاني من نقص في المياه وحرائق ضخمة.
سبب نقص المياه
ورغم هذه التصريحات، أكد خبراء إمدادات المياه أن جفاف صنابير الإطفاء يعود إلى مجموعة من العوامل، أبرزها الزيادة المفاجئة في الطلب على المياه، مما صعب من عملية إعادة ملء الصنابير بسرعة.
وأوضح الخبراء أن بعض المناطق، مثل باسيفيك باليسادس وألتادينا، تعتمد على أنظمة مياه محلية تم تصميمها لمكافحة حرائق المنازل، وليست مجهزة للتعامل مع الحرائق الكبيرة التي تلتهم أحياء سكنية بأكملها.
من جهة أخرى، أشار رئيس اتحاد رجال الإطفاء في لوس أنجلوس، فريدي إسكوبار، إلى أن مشكلة أساسية تكمن في نظام المياه الذي أصبح غير قادر على مواجهة حرائق الغابات التي أصبحت تحدث على مدار العام في كاليفورنيا.
وقال إسكوبار: "نحتاج إلى المزيد من الموارد، رجال الإطفاء والمعدات. ما نقوم به الآن غير مستدام".
حلول مبتكرة
وفي ظل نقص المياه، لجأ رجال الإطفاء إلى حلول مبتكرة، حيث استخدموا سيارات نقل المياه لإمداد فرقهم بالموارد اللازمة لمكافحة الحرائق.
وقالت رئيسة إدارة إطفاء لوس أنجلوس، كريستين كرولي، في هذا السياق: "إذا لم يكن لدينا ماء، نجد ماء. لقد بذل رجال الإطفاء قصارى جهدهم باستخدام الموارد المتاحة".
سرعة انتشار النيران.. تصعب المهمة
وعلى الرغم من ذلك، أشار بيرس، مدير مجموعة الموارد المائية في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، إلى أنه من الصعب تحديد ما إذا كانت زيادة إمدادات المياه كان يمكن أن تحدث فارقا كبيرا في مواجهة الحرائق، بالنظر إلى سرعة انتشار النيران.
كما شددت تريسي بارك، عضو مجلس مدينة لوس أنجلوس، على أهمية إصلاح البنية التحتية للمدينة، قائلة: "لا ينبغي أن يواجه رجال الإطفاء نقصا في الموارد أثناء مكافحة الحرائق. يجب أن نتعاون جميعا لإصلاح هذا الوضع".