مُنذ مُنتصف الليل، وسَيلُ الدِماء مِن ضِفّة الشُهداء لا يتوقّف، سيلٌ يُعانِقُ نَزيفَ غزّته.
— abdel aziz hammad (@HammadAbdel86) August 6, 2024
زفت عُقابا أربعة فُرسانٍ، وجِنين التي لَم تمل ولم تكل تُشيِّعُ سبعةً مِن أقمارِها وشُجعانِها مِنهمُ شَقيقان عُمر وسَيف، ومِنهم أخ الشّهيدين ثائر وأمين الشّهيد وليد أبو كامل. pic.twitter.com/VlAP8xfk9T
وبحسب ما يوضحه الكاتب والمحلل السياسي، سري سمور، في حديث مع "العربي الجديد"، فإن قوات الجيش الإسرائيلي اقتحمت برفقة جرافاتها مدينة ومخيم جنين في الضفة الغربية، وداهمت شركة صرافة، وسط اندلاع مواجهات واشتباكات مسلحة بين مقاومين وتلك القوات، ما أوقع عدداً من الإصابات، ثم دمرت قوات الجيش الإسرائيلي البنية التحتية والشوارع وهدمت ثلاثة منازل على أطراف مخيم جنين من أجل توسعة طريق تلك القوات، ثم استهدفت طائراتها المسيّرة مركبتين في الحي الشرقي من مدينة جنين، ما أدى إلى استشهاد خمسة وإصابة آخرين. ووفق سمور، فإن أشلاء الشهداء تناثرت في الشوارع، بينما منعت قوات الجيش الإسرائيلي طواقم الإسعاف من الوصول إلى المصابين، وتخلل الاقتحام سماع أصوات اشتباكات وتفجير عبوات ناسفة محلية الصنع بآليات الجيش الإسرائيلي. ورغم انسحابها من مدينة ومخيم جنين، إلا أن قوات خاصة إسرائيلية حاصرت منزلاً فيه شبان بقرية كفر قود غرب جنين واغتالت شابين وأصابت ثلاثة آخرين، واحتجزت جثماني الشهيدين واعتقلت المصابين ونقلتهم بواسطة طائرة مروحية قبل أن تنسحب من المكان.
وعاشت بلدة عقابا شمال طوباس في الضفة الغربية ذات المشهد الدموي، وإن اختلفت أدواته، حيث تحول يوم البلدة إلى جحيم، بعدما فقدت البلدة ثلاثة من أبنائها وطفلاً رابعاً من مدينة طوباس المجاورة، فيما يرقد نحو 15 مصاباً بعضهم بجراح خطيرة في المستشفيات لتلقي العلاج. وكانت قواتالجيش الإسرائيلي قد اقتحمت قرب منتصف الليلة الفائتة البلدة وحاصرت أحد المنازل، وشرعت دون سابق إنذار بإطلاق الرصاص العشوائي في كل الاتجاهات، وخصوصاً صوب الشبان الذين تجمهروا على مقربة من المكان، ما أدى إلى استشهاد كل من: أيسر أبو عرة، نور الياسين وعميد غنام، إضافة إلى استشهاد الطفل بلال عز الدين صوافطة (14عاماً) بعد اقتحام قوات الجيش الإسرائيلي محيط المستشفى التركي في طوباس واستهداف المواطنين المتجمعين هناك.
ويؤكد شهود عيان أن مقاومين اشتبكوا مع قوات الجيش الإسرائيلي وأفشلوا عمليتها التي كانت تستهدفهم، مشيرين في حديث إلى أن عناصر كتيبة طوباس وصلوا إلى الموقع وتمكنوا من تحقيق إصابات مؤكدة في صفوف الجنود، وهو ما قد يفسر حالة الإرباك والخوف التي عاشوها، وقد سمعوا صوت صراخ الجنود جلياً، وقالت سـرايا القدس - كتيبة طوباس إن "مقاتليها فجروا عبوة معدة مسبقاً في آلية عسكرية في محاور القتال في عقابا، محققين إصابة مباشرة كما تصدوا للقوات المقتحمة وأمطروها بزخات من الرصاص". كذلك صدرت عدة بيانات من فصائل المقاومة، حيث أكدت كتائب القسام في طوباس أن "مجاهديها برفقة إخوانهم في فصائل المقاومة خاضوا اشتباكاتٍ عنيفة مع قوات الجيش الإسرائيلي المقتحمة لبلدة عقابا". بدورها، أعلنت كتائب شهداء الأقصى - شباب الثأر والتحرير أن مقاتليها تصدوا لاقتحام قوات الجيش الإسرائيلي في عقابا بعد اكتشاف تسلل قوة إسرائيلية خاصة، وخاضوا اشتباكات عنيفة معها، واستهدفوها بالرصاص.
ويقول الناشط محمد أبو عرة، الذي كان قريباً من المكان: "إن مشهد تساقط الشبان كان مرعباً، خصوصاً أن الإصابات كانت في مناطق حساسة مثل الرأس والصدر"، لافتاً إلى أن الشهيد أيسر قاسم كان يقف متفرجاً من بعيد عندما فجرت رصاصة رأسه وتناثر دماغه على الأرض. وأضاف أبو عرة لـ"العربي الجديد" أن "الكل بدأ يتراكض في كل الاتجاهات وعمّت الفوضى، لا تسمع إلا صوت الرصاص الممزوج بصراخ المصابين وأناتهم، خصوصاً أن قوات الجيش الإسرائيلي منعت مركبات الإسعاف من الاقتراب، وكانت تطلق النار على كل من يتحرك ومع هذا تدخل المواطنون وبدأوا بسحب المصابين رغم المخاطرة الشديدة ونقلوهم بالسيارات الخاصة للمستشفى". ووفق أبو عرة، فإن ما جرى لم يسبق أن عاشته بلدة عقابا من قبل حيث استشهد ثلاثة وأصيب أكثر من عشرة في أقل من نصف ساعة بشكل مباغت ودون مقدمات، مشيراً إلى وجود عدد من الشبان والفتية في صالون للحلاقة قرب البيت المحاصر فأصيب اثنان منهم وهما داخله، مضيفاً أنه "لا يوجد لدى الجيش الإسرائيلي أي قانون يردعه عن ارتكاب جرائمه، لكنه بات يقتحم ويقتل من أجل القتل فقط".
أما يوسف غنام ابن عم الشهيد نور ياسين، فإنه يشير إلى أن الخبر وقع عليهم كالصاعقة، خصوصاً أنه كان بينهم قبل الاقتحام بدقائق، لكنه ما إن علم بما جرى حتى هبّ للدفاع عن بلدته. ووفق غنام فإن الشهيد أصيب برصاصة في صدره أدت إلى تهتك الأجزاء الداخلية بشكل كامل، ونزف كميات كبيرة من الدماء قبل إعلان استشهاده، ويلفت إلى أن الجيش الإسرائيلي حاصر منزلاً قريباً من منزلهم، لكن القناصة التي كانت تعتلي الأسطح العالية كانت تطلق النار على كل من يتحرك في مرمى نيرانها. وعاشت البلدة، قبل نحو عشرة أيام، على وقع ارتقاء القيادي في حماس الشيخ مصطفى أبو عرة (63 عاماً) شهيداً في السجون الإسرائيليه.
ويعمّ الإضراب الشامل، اليوم الثلاثاء، محافظة طوباس حداداً على أرواح الشهداء حيث أغلقت المحال التجارية أبوابها، وجرى تشييع جثامين الشهداء في طوباس وعقابا ومن المفترض تشييع جثامين الشهداء في جنين في وقت لاحق اليوم. وقال قيادي في حركة حماس في طوباس، فضّل عدم ذكر اسمه، إن المجزرة في عقابا تتزامن مع ما يجري في مناطق الضفة الغربية كافة، فهناك شهداء آخرون اليوم في جنين وبيت لحم وقبل يومين تسعة شبان استشهدوا في طولكرم، وأكد لـ"العربي الجديد" أن ما يجري يؤكد تماماً نيات السلطات الإسرائيليه بإشعال الضفة الغربية خدمة لأهدافه الخبيثة والانتقام من الفلسطينيين في أماكن وجودهم كافة، لكن ذلك يؤكد أن إسرائيل تعيش أزمة حقيقية في ظل فشل جيشها منذ أكثر من 300 يوم في تحقيق أي من أهدافه في قطاع غزة، والأحداث الساخنة في الضفة الغربية ويشدد على أن كل تلك الهمجية تأتي في محاولة من الجيش الإسرائيلي لردع المقاومين.