آخر المواضيع

أسباب رفض إسرائيل لتنفيذ هدن إنسانية، ولماذا ستقبل بها في نهاية المطاف؟



 يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مضطر لأن ينزل عن الشجرة التي وضع نفسه فوقها تدريجياً، فهو يرفض الهدنة الإنسانية إلا لو كانت واحدة ولبضع ساعات من أجل صفقة لتبادل الأسرى، ولكن حماس تصر على صفقات وليس صفقة، ومجلس الأمن تبنى موقفاً أقرب لما تريده حماس.


كما أفادت تقارير بأن نتنياهو قد قبل بمقترح أمريكي بوجود قوة دولية في غزة بعدما كان يتوعد بحكمها مباشرة من قبل إسرائيل، دون دور دولي أو للسلطة الفلسطينية.

 إسرائيل ستتنازل تدريجياً بعدما بدد المهلة التي منحتها له أمريكا في قتل المدنيين
تتنازل  إسرائيل تدريجياً، فقرار مجلس الأمن الداعي لهدن إنسانية ذات وقت مقبول يسمح بوصول المساعدات، والذي صدر دون أن يعرقله الفيتو الأمريكي، يظهر أن المساحة التي يتحرك فيها الجيش الإسرائيلي ونتنياهو تتراجع.

أرادت  إسرائيل ضوءاً أخضر ليفعل ما يشاء في غزة ويقتل المدنيين، تحت دعوى تدمير حماس، واليوم بعد أكثر من شهر قتل ما يقرب من 12 ألفاً من المدنيين دون أن يبدو أن قوة حماس قد تراجعت بشكل مؤثر، ولم يقتحم مركز قيادة رئيسياً واحداً لها، أو يستطيع أن يدعي أنه دمّر شبكة أنفاق كبرى، كل ما فعله هو اقتحام لمستشفى الشفاء، أثبت خلاله أكثر من غيره كذب ادعاءاته بشأن اتخاذ حماس له مقراً، بل أثبت أنه حاول جعل المستشفى رمزاً لحماس لأنه لا يستطيع إيجاد رموز الحركة الفعلية ومقراتها وقياداتها.


أضاع الجيش الإسرائيلي فترة الضوء الأخضر الأمريكي والغربي في قتل المدنيين بشكل استفز الجماهير، حتى في أكثر عواصم الغرب تأييداً له.

واليوم يريد مزيداً من الوقت لينفذ ما يقول إنه الهدف الأساسي من الحرب، وهو تدمير حماس، وفي الوقت ذاته يعلم رعاته الغربيون أن تأجيل الهدنة الإنسانية يعني ببساطة مجاعة في غزة تحت أعين وسمع العالم، وفي الوقت نفسه ليست هناك ضمانة لتحقيق هدف تدمير حماس.

لماذا تريد حماس هدناً لا هدنة واحدة؟

رفضت إسرائيل القرار الأمر الذي لا يجعلها دولة مارقة، بل قد يزيد الخلافات مع الإدارة الأمريكية. 

إذا استجابت إسرائيل لقرار مجلس الأمن، علماً بأنها لمَّحت لاستعدادها لهدنة إنسانية لساعات بهدف تنفيذ الأسرى من حماس، فإن هذا سيمثل نصراً لحماس من شأنه تخفيف الأزمة الإنسانية في غزة، وإعطاء فرصة للمقاومة لإعادة ترتيب أوضاعها، خاصة أن هناك تقارير بأن إحدى نقاط الخلاف بين حماس وإسرائيل حول صفقة الأسرى تتعلق برغبة حماس في عدة صفقات عبر عدة هدن، بينما يريد الجيش الإسرائيلي صفقة واحدة كبيرة عبر هدنة واحدة؛ لأنه يرى أن تنفيذ عدة هدن مفيد عسكرياً للمقاومة الفلسطينية، ويخفف الضغط عليها، ويتيح لها فرصة التحرك بين شبكات الأنفاق، خاصة أن الجيش الإسرائيلي يزعم أنه لم يدمّر شبكات الأنفاق، ولكنه استطاع تقطيع أوصالها.

حماس توقف المفاوضات بعد الهجوم على مستشفى الشفاء 

لكن حماس يبدو أنها قلبت الطاولة على  إسرائيل، فمع تزايد أهمية ملف الأسرى في السياسة الإسرائيلية، قررت حماس قطع المفاوضات بعدما كادت تبرم صفقة جزئية.

إذ أفادت تقارير بأن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في غزة، يحيى السنوار، قطع المفاوضات التي كانت جارية مع الوسطاء القطريين.


وقال إنه لا يستطيع مواصلة التفاوض ما دامت قوات الجيش الإسرائيلي الإسرائيلي تجري عملياتها في مستشفى "الشفاء"، حسب ما نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية التي وصفت ما يقوم به السنوار بأنه تلاعب بالحكومة الإسرائيلية.

يأتي هذا في وقت تزايدت فيه الأصوات الإسرائيلية المشككة في جدوى صفقة تبادل الأسرى، بعد أن باتت شروطها تتضمن انخفاض العدد التقديري لمن ستُطلق المقاومة سراحهم من 100 إلى 50 أسيراً، وإيقاف القتال 5 أيام، فضلاً عن أن الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين سيكون على دفعات يومية. 

إسرائيل تحاول الترويج لأن وقف إطلاق النار يمثل خطراً على الأسرى
وفي محاولة لتخفيف ضغط أهالي الأسرى على ما يبدو زعمت صحيفة Ynet الإسرائيلية أن وقف إطلاق النار الذي يطالب به العالم لأغراض إنسانية سيؤدي إلى إلحاق ضرر بالغ بالرهائن وجهود الحرب الإسرائيلية، بينما يُمكن القول إن حركة حماس داخل الأنفاق في أمس الحاجة إلى هذا الأمر من أجل التنفس حرفياً. حيث إن فترات وقف إطلاق النار تُتيح لها تحسين وضعها بشكلٍ كبير من أجل مواصلة القتال.

وبالطبع تجاهلت الصحيفة أن الحرب الإسرائيلية أدت إلى مقتل عدد كبير من الأسرى الإسرائيليين والأجانب، وأنها لو استمرت فسوف تؤدي لموت أغلبهم على الأرجح.

دعوات إلى أن تكون الهدنة الإنسانية بضع ساعات تتيح للعالقين السير لعشرات الكيلومترات!
في وقاحة لافتة تقول الصحيفة: "تستطيع إسرائيل الموافقة على الهدنة الإنسانية لمدة 4-5 ساعات على الأكثر. وهذا هو الوقت اللازم لتزويد السكان المدنيين في غزة بالمساعدات الإنسانية التي يحتاجونها لتحسين أوضاع النازحين، والجرحى، والمرضى، حيث تُعَدُّ غزة منطقةً صغيرةً بشكلٍ عام، ويُمكن لهؤلاء الذين يقطعونها سيراً على الأقدام أن يصلوا من الشمال إلى مناطق الإيواء في الجنوب خلال أربع ساعات أو أقل. 

تريد الصحيفة من اللاجئين، بمن فيهم من أطفال ونساء وعجائز، أن يسيروا على أقدامهم لعشرات الكيلومترات لمدة ساعات خلال هدنة لا تستغرق سوى ساعات.

وتضيف: "لا تحتاج الشاحنات المحملة بالطعام، والماء، والدواء إلى وقتٍ أطول حتى تصل من رفح إلى مستشفى الشفاء على مشارف حي جباليا في شمالي غزة".

تقول الصحيفة: "إذا نظرت إلى الأمر من مختلف الزوايا، فسوف تفهم سبب إصرار حماس الشديد على "وقف إطلاق النار" ليومين أو ثلاثة. إذ سيمنحها ذلك مزايا كبيرة دون أن تضطر لتقديم أي شيء في المقابل تقريباً، باستثناء بعض المختطفين من حاملي الجنسيات الأجنبية أو مزدوجي الجنسية، وذلك من أصل قرابة الرهائن الـ240 إجمالاً. 

عرضت الصحيفة عدداً من الأسباب تقول إنها وراء عدم موافقة إسرائيل على وقف إطلاق النار:

أبرزها أنه من الناحية اللوجستية، سيحصل مقاتلو وقادة حماس في الأنفاق على كل ما يحتاجونه تقريباً لتجديد خطوط إمدادهم تحت الأرض. ما سيُطيل قدرتهم على البقاء تحت الأرض لعدة أيام إضافية.

وتزعم الصحيفة أن وقف إطلاق النار سيسمح لحماس باستعادة خطوط الاتصال التي تضررت بين مختلف المجمعات الخاصة بها فوق الأرض أو تحتها. حيث تمر العديد من خطوط الاتصال داخل الأنفاق حتى تُتيح للقيادة نقل أوامرها إلى المواقع التي لا تزال تقاتل. أي إن وقف إطلاق النار سيُتيح إعادة تلك الخطوط للعمل مرةً أخرى، وربما إخلاء ممرات الأنفاق التي سدّتها قنابل سلاح الجو أو أنشطة الجيش الإسرائيلي على الأرض.

وتحذر من أن وقف إطلاق النار سيسمح لحماس بإعادة تحميل قاذفات الصواريخ الواقعة بالقرب من المناطق التي يدور فيها القتال. حيث يجري تفريغ تلك القاذفات بعد إطلاق الصواريخ أو قذائف الهاون، أي إن وقف القتال سيسمح بالوصول إليها. وهذا يعني أن وقف إطلاق النار لعدة أيام سيؤدي إلى زيادةٍ كبيرة في عمليات إطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل.

وستتمكن حماس من إعادة تنظيم قواتها وتقوية مواقعها المعزولة؛ إذ إن مجموعة أنفاقها ليست متصلة، وحتى الأجزاء المتصلة منها تضررت وفصلتها ضربات القوات الجوية، إذ تزعم أن المسلحين عانوا في الأيام القليلة الماضية من صعوبة في الحركة وتعزيز القوات داخل القطاعات التي وصل إليها الجيش الإسرائيلي. كما أن وقف إطلاق النار سيُتيح للمسلحين الخروج إلى الأرض أو اختراق المسارات بين الأنفاق، ونقل الجنود والصواريخ المضادة للدبابات والعبوات الناسفة.

بعض ما تقول الصحيفة خطأ وبعضه صحيح مبالغ فيه، ولكن أكثر ادعاءاتها غرابة هو زعمها بأن العاقبة الأخطر لوقف إطلاق النار تتمثل في المخاطرة بفرصة تحرير الأسرى الإسرائيليين، لأن وقف إطلاق النار لعدة أيام سيُتيح لحماس نقلهم الرهائن، ما سيُفسد جهود المخابرات الإسرائيلية ويُحبط إمكانية إطلاق النار عبر العمل العسكري. علاوةً على أن الوقت سيسمح لحماس بجمع الرهائن الموجودين لدى أطراف أخرى داخل غزة، ما سيزيد قدرتهم على المساومة.

إسرائيل هي الخطر الأكبر على الأسرى الإسرائيليين

وما تتجاهله الصحيفة أن الخطر الأكبر على حياة الأسرى هو القصف الجوي الإسرائيلي، وافتراض أنه يمكن بالقوة إطلاق افتراض ساذج للغاية، فحتى اليوم لم يتأكد أن إسرائيل حددت مكان أسير واحد، علماً بأنهم منتشرون في القطاع داخل الأنفاق على الأرجح، ومع العديد من الفصائل، وإسرائيل لم تستطع حتى كشف أماكن الرهائن التي نشرت حماس والجهاد فيديوهات لهم، كما أنها لم تستطع تحديد موقع الجندي الأسير جلعاد شاليط الذي احتفظت به حماس من 2005 إلى 2011، والأهم أن افتراض أن تحديد قوات الجيش الإسرائيلي لأماكن الأسرى يعني أن المقاومين سوف يسلمونهم ببساطة يبدو هوليودياً جداً، بل يشكل استفزازاً كبيراً لأهالي الأسرى.

بعيداً عن كل التعنت الإسرائيلي في رفض الهدنة وكذلك وقف إطلاق النار، فإن قرار مجلس الأمن وتغير المواقف الأمريكية وتصعيد أهالي الأسرى الإسرائيليين لقضية أبنائهم، والأهم الفشل الإسرائيلي في هزيمة المقاومة وحتى إلحاق خسائر كبيرة بها، واستمرار الغضب العالمي الشعبي، يؤشر إلى أن نتنياهو قد ينزل في نهاية المطاف عن الشجرة، ويقبل بهدن قد تكون متتالية، وقد تكون مقدمة لوقف شامل لإطلاق النار.

تم تحديث الموضوع في

إرسال تعليق

0 تعليقات

تابعنا على وسائل التواصل الاجتماعي

أخر المنشورات

أهم الاخبار

تابعونا على موقعنا اخبارنا سوا